أبها.. التي نعرفها!

آراء

أبها مدينة الضباب، أبها التي تمثل، ومنذ زمن بعيد، مدينة جاذبة، لا طاردة، هذا الجمال الذي تتمتع به، جمال الغيم الذي لا يفارق سماءها، منحة ربانية، الجبال، الأشجار، النباتات العطرية، الوديان، لحظة الشروق والغروب التي تحرض الرسام والمصور على التقاط اللحظة، لتكون أكثر بهاء.. أبها التي نعرفها لم تكن على مدى تاريخها سوى ملاذ آمن لكل أبناء المناطق في الوطن من شماله إلى غربه، بل أزيد على ذلك كانت أبها التي نعرفها تستوعب كل الجنسيات العربية التي تمكث في أبها، التي تمثل لهم الوطن والمحبة.

لم نكن في أبها التي نعرفها نسأل: من أنت؟ ما أصلك؟ كان الجميع هم أهل (أبها) النجدي، الحجازي، الغامدي، التركي، المصري، السوري، الفلسطيني!

أهل أبها كانت تجمعهم المحبة، ويجمعهم هذا التنوع من القبائل الجنوبية والقادمين من كل صوب.

أبها التي نعرفها كانت تحب السيل، فهي ابنة المطر وأخت الغيم وأم المحبة، أبها التي نعرفها لم تقطع شجرة، لم تردم وادياً، وهو ما حدث، وذلك يمثل فضيحة هندسية، لا تغتفر، ولا يحاسب من قام بارتكابها.

أبها التي نعرفها ما زال يمثلها (كوبري القابل) الذي يمثل إنجازاً هندسياً ماثلاً للعيان، أبها التي نعرفها كانت تغني سافرة الوجه والكفين، والقلوب البيضاء. أبها النساء اللواتي يهبطن إلى سوق (الثلوث) يعرضن الفاكهة والعسل، والسمن والحناء والكادي والحطب، أبها التي نعرفها كانت نقيةً وصادقة.

أذكر منذ زمن بعيد وبرفقة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في منطقة (بشار) وكان شاعراً يعشق الأشجار، أذكر أنه غضب غضباً شديداً على أحد المرافقين، فقد لمحه وهو يرمي بعقب السيجارة وقال بصوت مدوٍّ: نظل نزرع الأشجار زمناً طويلاً وأنت تحرقها في غمضة عين.

تنشد عن الحال؟

بعضهم لم يستوعب (تحسين الشوارع) فلجأ إلى المعنى الشعبي ولجأ إلى (حلاقة الأشجار) واستبدالها بأرصفة عريضة بلا مشاة.. عجبي.

المصدر: الرياض