مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

أخيرا.. فهم التلفزيون السوري معنى “السلمية”

آراء

بعد عام ونصف العام من القتل المستمر للشعب تنبه الإعلام السوري إلى أهمية نبذ العنف، وبدأ التلفزيون الرسمي يدعو المواطنين لأن يكونوا سلميين في مطالباتهم، متجاهلا أنهم بدؤوا سلميين أصلا، ولم يحمل أحدهم سلاحا ليواجه القتل والهمجية والتعذيب والسحل وغيرها من وسائل القمع.. وما زال صوت المواطن وهو يلهث مرعوبا من الرصاص المنهمر عليه وعلى أمثاله المتظاهرين ويصرخ “سلمية.. سلمية” يقدم على الفضائيات.

حتى لتكاد سورية تكون الدولة الوحيدة في التاريخ التي خرج بها المتظاهرون وهم يهتفون بسلمية مظاهراتهم ويحملون لافتات مكتوبا عليها بالخط العريض “سلمية”، إما لأنهم يعتقدون أن النظام سيتعامل معهم بصورة حضارية شأن الدول الراقية فينبهونه إلى “السلم”، أو لأنهم يعرفون أنهم يواجهون نظاما لا يردعه شيء، ويريدون إدانته أمام العالم.

هذا الإعلام الذي يدعو لـ”السلمية” اليوم، هو نفسه الإعلام الذي ما زال يعرض مشاهد خادعة عن الأحياء الملتهبة بالثورة ليقدمها على أنها هادئة، وما زال يصر على تسمية المتظاهرين بالعصابات المسلحة الإرهابية.. ذلك المصطلح الذي ظل التلفزيون السوري يلوكه، حتى صار السلاح حقيقة على الأرض بعد عام على الثورة لاضطرار العسكريين من الشعب للانشقاق والدفاع عن أهاليهم ممن يقتلهم النظام، وتلك نتيجة حتمية لعمليات الإبادة التي انتهجت بحق المتظاهرين السلميين وغير المتظاهرين ممن ذبحهم أزلام النظام في بيوتهم.

بعد عام ونصف العام، أُجبر الإعلام السوري بين أوقات احتفائه بالتصريحات الروسية على نطق مفردة “السلمية”، متناسيا أن المتظاهرين في حمص بداية الثورة رفعوا لافتات في حمص تناشد جيشهم الوطني باستخدام الرصاص المطاطي. أولئك المتظاهرون وغيرهم في المدن المدمرة هم أنفسهم من يلصق بهم ذلك الإعلام جرائم النظام معتبرا أنهم “عصابات إرهابية تدّعي الحرية”.

بعد عام ونصف العام على استهتار رأس النظام بالمتظاهرين “السلميين” في الخطاب الأول وعدم اعترافه بهم، اكتشف إعلامه أن هناك مفردة تعني “السلم”، ونخشى أن يحتاج هذا الإعلام لزمن مماثل ليكتشف معنى “التظاهر”، وعام ونصف العام أخرى ليربط بين السلم والتظاهر، ثم عام ونصف العام لفهم مفردة “الحرية”، ثم الإصلاح… ثم… ثم..

لأن العدّ سوف يطول، أترك لكم حساب السنين بعد وضع المفردات التي يحتاج الإعلام السوري لاكتشافها وفهم معناها.

المصدر: الوطن اون لاين