أربعون عاماً من السذاجة

آراء

عندما تتفرج على مسلسل مصري أو كويتي على ما فيهما من علل إلا أنك ستشاهد تجربة السنين الطويلة حاضرة، سترى الاحتراف في النواحي الفنية، ستتجلى أمامك خبرة الممثلين بصرف النظر عن قوة العمل أو ضعفه.

من المشاهد التي تعلمت منها أن أميز بين الممثل المحترف والممثل المبتدئ مشهد المحامي بن ديرم مع حسين عبدالرضا في مسلسل «درب الزلق»، بعد انتهاء المحاكمة دار حوار بين الممثلين. أخطأ المحامي وفاه بجملة في غير وقتها، فجأة تدخل عبدالحسين وعدل مسار الحوار ليعود إلى النص الأصلي بطريقة احترافية مميزة.

ما زال ذاك المشهد واحداً من الدروس المهمة التي تلقيتها مع دروس أخرى تشكل مجموعة أدواتي عند متابعة الأعمال التلفزيونية نقدياً، عرض مسلسل «درب الزلق» على التلفزيونات العربية قبل حوالي أربعين سنة وما زال حتى هذه اللحظة مدرسة لكل من يريد أن يتعلم فن التمثيل.

شاهدت حلقة من معظم الأعمال الدرامية التلفزيونية السعودية التي بدأ عرضها على شاشة التلفزيون السعودي مع إطلالة شهر رمضان هذا العام، شعرت بكثير من الأسى، نفهم أن يكون العمل ضعيفاً لأسباب خارج مسؤولية الممثل، وقد يكون الممثلون المشاركون معه مبتدئين وأن تكون ميزانية العمل قليلة أو أن النص ضعيفاً، ولكن لا أفهم أن يخرج ممثل أمضى حوالي أربعين سنة من عمره في شغلة التمثيل كممثل مبتدئ.

المصيبة إذا كان هذا الممثل هو المنتج، هو المستفيد وصاحب الحقوق كلها، يتخذ كل القرارات، يحدد المخرج، يحدد طبيعة النص وكاتبه، يتعاقد على المواقع بنفسه، يقرر أسماء الممثلين المشاركين، يوزع الأدوار، والأهم من كل هذا يصنع دوره كما يشاء، أخيراً يقدم لنا عملاً تلفزيونياً رديئاً والمؤسف جداً أن نراه في مسلسله هذا ممثلاً لا يعرف أبجديات الوقوف أمام الكاميرا.

يتهم بعض الناس النص التلفزيوني أنه أصل البلاء في فشل العمل التلفزيوني، لا يدرك هؤلاء أن النص لا يعمل وحده كالرواية والقصيدة، ضعف النص التلفزيوني يعالجه المخرج ويرفع من إمكاناته الممثل المحترف، الإنتاج التلفزيوني عمل مشترك، يمر بمراحل، في كل مرحلة يتم تطويره حتى يستقر عندما يكتسب رضا المخرج والممثل والمنتج.

قرار قبول النص ورفضه في المملكة يتخذه الممثل الذي هو المنتج، لحظة قبوله بالنص يحب أن تعني أن النص جيد، لا يحق له أن يتهم النص بالضعف إلا في حالتين، أن يكون طمعاناً في العقد مع التلفزيون ولا يهمه نجاح العمل أو فشله أو افتقاره للخيال والحساسية الفنية التي تمكنه من التمييز بين الجيد والرديء.

المصدر: الرياض