عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

أسطوانة «التصهين» المملة.. سلاح المفلسين

آراء

إشكال بعض الكتاب في إعلامنا أن التهم بالعمالة والخيانة والتصهين جاهزة لديهم لمن يختلف معهم، فكاتب هنا في صحيفة محلية يعيد أسطوانة الكتاب المتصهينين، وآخر يردد خطابه المهلل في صحيفة خليجية لا يكفون عن نظريتهم المؤامراتية بأن بعض كتاب هذا الوطن هم من يقفون وراء الحملات السياسية، التي نجدها في إعلام بعض الدول الغربية ضد المملكة.

مثل هذه الخطاب، الذي يقوده هؤلاء المأزومون، يحاول بكل انتهازية، تأليب الدولة ضد من يختلف معهم في قضايانا، هؤلاء -للأسف- من يدَّعون ويطالبون بالحرية والديموقراطية، ولكن أن يختلف الآخرون معهم فالتهم لديهم جاهزة.

فأحدهم يرمي التهم جزافاً لكل من يختلف معه من دون أدلة، فيصف من يختلف معه بأنه يخدم المشروع الصهيوني مثلاً، وأنه قد اختارته تلك الدوائر على أن يكون عميلاً، بعد أن ركز على أهوائه وانحرافاته وتاريخه الأخلاقي.

من يستخدم مثل هذه التوصيفات لا شك أنه مفلس فكرياً، فبدلاً من مقارعة أفكار من يختلفون معه في قضايانا السياسية والاجتماعية يلجأ إلى مثل هذه العبارات الرخيصة، والتي إن دلت على شيء فإنما تدل على غوغائيتهم، فهم يعتقدون بأنهم بإطلاقهم لهذه الأوصاف سيكسبون شعبية في المجتمع.

بسبب ما تمر به بلادنا في هذه المرحلة الشائكة في حربها مع الإرهاب مثل «داعش» وغيره، الذي لا يتردد في تفجير المساجد وقتل المصلين داخلها، ومحاولته خلق فتنة طائفية في مجتمعنا؛ فإن من سمات المجتمعات الطبيعية أن تبحث عن أسباب التطرف والتشدد الذي يعانيه بعض مكوناتها ولا يمكن إلزام الآخرين بأن يصلوا إلى النتائج نفسها، وهذه ميزة إيجابية للوصول إلى معرفة أسباب التطرف في هذا المجتمع أو ذاك. للأسف، ذكر بعضهم أن لدينا نسباً مرتفعة تتعاطف مع هذا التنظيم الإرهابي، قامت الدنيا ولم تقعد مطالِبة بمحاكمته على ما ذكره، وإن رأى بعض آخر أن المناهج قد يكون لها دور في التشدد والتطرف يتم اتهامه بالتغريب والعمالة والتصهين.

كلنا مثلاً يعرف أن الدولة قامت بمشاريع جبارة لتطوير التعليم من الجوانب الكيفية، هذا الخطاب لن يساعد صانع القرار في الوصول إلى حل للمشكلة، ليس هناك ما يعيبنا أن يكون هناك أخطاء في خطابنا الديني وفي تعليمنا؛ أفرزت بعض الإرهابيين من شبابنا، والحل العقلاني والمنطقي هو أن نقوِّمها ونصلحها، وهذا هو الأمر الطبيعي، أما أن يرمي بعضنا بأن من يقف وراء هذا التطرف منظمات ماسونية عالمية، فهذا هروب من المشكلة ومحاولة تصديرها إلى الخارج. من ينحون هذا التوجه يتلاعبون على الوجدان العاطفي للمجتمع، ولكن هذا لن يصل بنا إلى حل لمشكلة الإرهاب ومعالجتها عندما نتعرف على مسبباتها الحقيقية ومعالجتها والتي قد تكون صادمة لبعضنا، ولاسيما من يرمونها على الماسونية والصهيونية العالمية.

لا شك لديَّ بأن الإسلام قد تم اختطافه من بعض أبنائه، وشوهوه أكثر من منظمات خفية؛ يعتقد بعضنا بأنها المسؤولة عن حال بعضنا، فكم قتل مسلمون علي أيدي إخوانهم! وكم دمرت دول عربية بعد «الربيع العربي» على أيدي أحزاب ومنظمات إسلامية سياسية؛ تسعى إلى أهداف سياسية بحتة، ولكنها تقتل وتذبح المسلمين باسم الدفاع عن الإسلام. لا أعرف ممن! هل هو من المسلمين أنفسهم؟ مثل هذه الاتهامات الرخيصة تدل بشكل جلي أن بعض هؤلاء لا يملكون الدليل ويحاولون أن يتعاموا على ما يجري على أرض الواقع، ولكن هذه هي دائماً حجة الضعيف والمعطرة بانتهازية واضحة.

المصدر: الحياة