أعمارنا في «المعاملات»!

آراء

أعرف شخصياً قضايا عمرها أطول من عمر أصحابها. معاملة تعيش عشرين أو ثلاثين سنة دون نتيجة! بعضنا يفني عمره في مراجعة الدوائر الحكومية، ركضاً وراء معاملة تدور وتسافر بين الدوائر الحكومية، لكن حركة السلحفاة أسرع منها!
وبعضنا يرث القضايا المعقدة عن آبائه وربما عن أجداده.

تلك هي البيروقراطية القاتلة. أم إنها المركزية التعيسة؟ هل لابد لخلاف على مترين بين جارين في ضواحي الطائف، أو عسير أو تبوك، أن يقبع على طاولة موظف في وزارة البلديات في الرياض لسنوات؟ لماذا لا تحل مشكلات ومعاملات كل منطقة في إمارتها؟ وإن لابد من العاصمة، فمتى تتطور أدوات وآليات العمل بحيث تحسم القضايا خلال أشهر إن لم تحل في أسابيع؟

لماذا نهدر أوقات الناس وطاقاتهم وأموالهم في الركض المرهق وراء معاملة قد لا تتحرك من مكتب في وزارة في الرياض إن لم يأتِ مراجع من آخر الدنيا ليسأل عنها؟ لو بيدي لأسست لمشروع يضمن إنجاز المعاملات في وقت محدد. أما إن كانت القضية شديدة التعقيد وفيها إشكالات قضائية فعندها يمكن استحداث آلية خاصة لمتابعة سير تلك المعاملة من دون أن تستهلك عقوداً من عمر صاحبها. توجد اليوم مئات البرامج الإدارية للتسريع بإنجاز المعاملات البسيطة منها والمعقدة.

تقنية اليوم يمكنها أن تسهل علينا إنجاز المعاملات في وقت قصير. ذلك يتطلب إدراكاً صادقاً بخطورة البيروقراطية وما يرافقها من هدر قاتل للوقت والأموال.

أما ما دامت «أكياس» المعاملات تسافر بالطائرة أو بالشاحنات بين المدن المتباعدة والعاصمة فإن ليلنا طويل! وهنا نقترح على الوزارات بناء مستودعات ضخمة في الرياض تُحفظ فيها «أكياس» المعاملات القادمة من كل بقاع الوطن، من الباحة إلى الجوف، ومن نجران إلى حائل!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٤٩) صفحة (٣٦) بتاريخ (٠١-٠٥-٢٠١٢)