أكتب ثم أكتب.. ثم ماذا؟

آراء

أظن أن ما يكتب اليوم في الصحافة المطبوعة لا يشكل أكثر من نقطة في بحر تشكيل الرأي العام اليوم. لقد ولّى زمن «الجرائد» الجميل حينما كان مقال واحد يمكنه أن يقيم الدنيا و لا يقعدها. وكان «المسؤول» يتصفح الجرائد يومياً، جريدة جريدة، و صفحة صفحة، أملاً أن يرى صورته في المحليات أو خوفاً من مقال يشير – و لو تلميحاً – لبعض قصور في أدائه.

نحن أبناء اليوم! فكتاب الصحف اليوم، و صاحبكم منهم، مثل من يرمي من خلف الصفوف. أو كمن ينفخ في قربة مثقوبة. فعدد مشاهدي فيلم «كروة» الجديد في يوم واحد ربما فاق عدد قراء صحفنا مجتمعة في شهر. نحن ننتمي لزمن يوشك أن ينقرض و هم ينتمون لليوم. كانت الجريدة منبراً مهماً و مؤثراً في تشكيل الرأي العام و في توجيه حوارات المجتمع و مناظراته. و لم يكن ذلك لأن من يكتب في الصحف كانوا أفضل من و ما في المجتمع و لكن لأن منابرهم كانت الأكثر حضوراً. أو لعلها كانت الوحيدة. أما اليوم فقد زاد الماء على الطحين. و ما تحدثه رسالة عبر «الواتس آب» أو «تويتر»، و في دقائق قصيرة، ربما فاقت ما يحدثه أهم مقال في صحفنا مجتمعة. أما المشكلة الثانية فهي أن «المسؤول» لم يعد يكترث لما يكتب عنه أو ضده. انتقد كما تشاء و نفعل ما نشاء! فمن لديه الوقت اليوم لرصد كل نقد يكتب في صحافتنا المبجلة كي يراجعه و يدرسه و يبحث في حلوله؟ القوم منشغلون بهدير النت وإشاعات «الواتس آب» و تداعيات تغريدة من واعظ كريم تصطف خلفه ألوف المتابعين و تطير بفكرته الناس زرافات ووحدانا أم أننا مثل من ظل يخاطب نفسه ظناً أنه يخطب في جمع غفير من الناس ولما استيقظ وجد أن الناس قد «فلّت» عنه منذ زمن بعيد؟

اكتب أو لا تكتب. فأنت في زمن ربما كانت فيه الكتابة الصحفية ليست سوى تسلية للكاتب و لا أكثر. و تلك أرحم قليلاً من أن «نضب عفشنا» ونواصل الرحيل!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢٩٩) صفحة (٢٨) بتاريخ (٢٨-٠٩-٢٠١٢)