محمد خميس
محمد خميس
محمد خميس روائي صدر له من أمريكا رواية لفئة المراهقين بعنوان "مملكة سكابا" ، وله باللغة العربية مسرحية أدبية بعنوان "موعد مع الشمس"

أنا عربي إذن أنا الأفضل

آراء

اعلم ان الكثرين سيشجبون وينكرون، وسيردون نتيجة هذه النظرة الثاقبة في أعماق الشخصية العربية، وهذا حقهم، ولا يجوز لاحد حرمانهم من هذا الحق، ولكننا سنعرضها على أية حال كما وصلتنا.

مشكلة المواطن العربي الحقيقية، وكما توصل اليها الدارسون والمراقبون لسلوك المواطن العربي، هي تاريخه العظيم، وحصته من ميراث كل تلك الحضارة، والعظمة والمجد، والبطولات، والأندلس ومعركة القادسية، والخلافة الأموية والعباسية، والإنتاج الإبداعي الأدبي منه والعلمي، و قيادة اجداده العلماء لكل بديات العلم، بل وشرح الفلسفة اليونانية، والإضافة عليها، ثم إهدائها للغرب بروح رياضية بمناسبة عيد ميلادهم “الكريسماس”.

ماذا تتوقعون من مواطن وارث لكل هذا المجد؟ ان كنتم تتوقعون ان يبني على ميراثه الضخم المشرف هذا ويستثمره فيما هو خير له ولأهله وللعالم، فأنتم مخطئون حتى النخاع، وان كنتم تعتقدون بأن ميراثه العلمي سيقوده الى منافسة العالم الغربي، من اجل استعادة دوره الثقافي والعلمي والقيادي للعالم، فأنتم اصحاب نظرة سطحية جداً جداً، انتم كالأطفال الذين يفتقرون لعمق الرؤية التحليلية، وتأخذون الأمور بسذاجة معجونة بالحمق.

التركة العربية العظيمة، فرضت على كل عربي، وبغض النظر عن انتمائه لاي قطر عربي، او مستواه الثقافي او الإجتماعي، او انتمائاته الطائفية، او حتى لمستواه الإقتصادي، نوع من التكبر، واسبغت عليه اهمية لا يراها غيره.

هذا الإرث العظيم، والثروة المعنوية التى ورثها العربي، جعلته يشعر بأنه أفضل الجميع، والجميع هنا، هم اهله، وجيرانه، وزملائه واخوته العرب.

نعم المواطن العربي يشعر بأنه فوق الجميع، وانه لمن المفروض ان يحكم هو العالم، وان عدم حصوله على احترام الناس في مجتمعه، إنما يعود لعدم تقدير من يتعامل معهم لأهميته ومجده الذي ورثه من اجداده

والا اشرحوا لي ما معني ان يتناهى الى مسامعنا بكل وضوح، أثناء الخلافات التى تدور بين المواطنين العرب كلمات مثل:

(ححبسك) ستسمعها في المشاجرات التى تقع في جمهورية مصر، وقد يقول لك ذلك اية شخص تختلف معه وان كان عاطل عن العمل، ويعيش على مساعدات الاخرين، او تسمع في دول الخليج العربي مثلاً (بسفرك او برجعك بلادك) وقد يقول لك ذلك شخص جواز سفره محجوز ومطلوب للشرطة، او ان تسمع في سوريا ( حأوصك بمعنى سأطلق عليك النار) وقد يكون قائل العبارة لا يمتلك ثمن لسكينة مطبخ، كل عربي يرى نفسه اقوى وافضل واهم من غيره.

الجميع يرى انه أحق بالعيش من الأخرين، وأحق بالإحترام من غيره، وأحق على الحصول بما يرغب به وان كان على حساب الناس، هذا الإرث العظيم نزع من العربي روح التسامح والتعاون، وانساه بأنه ليس وحده الوارث، وان كل العرب قد ورثوا معه، وان روح التعاون والتسامح هما المطلوبان منه في تعامله مع الأخرين، وان العزيمة والمثابرة والعلم والتواضع، هي وسائل لإسترداد ما كان عليه أجداده العظماء، وان وضع الإستراتيجيات الصحيحة لبناء المستقبل والنظر الى الإمام، هو ما سيوصله الى القمة مرة اخرى.

تعالوا لنتخلص من تصيد اخطاء جيراننا، وانتقاد نجحات بعضنا، ولنتعلم طرق تشجيع المجتهدين منا، والثناء على مبادرات التقدم، لنستمتع ولنحتفل بنجاحات إخواننا، ففي الأخير هي نجاح لنا جميعاً، ولندعوا الله في أنفسنا بإخلاص ان يكلل جهدنا وجهد اخواننا لصالح وخير هذه الأمة.

خاص لـ ( الهتلان بوست )