أنا والقراء في رمضان..!!

آراء

غالباً ما تأتيني رسائل من القراء مختلفة التوجه والآراء، بعضها إيجابية وفيها من المعلومات والإضافات والقصص الساخرة والمضحكة على ما أكتب الشيء الكثير، وبعضها سلبي مليء بالانتقادات الحادة الموجهة لي شخصياً وليس لما أكتب، وهذه أحترمها بالرغم من قسوتها على شخصي، هذه الرسائل على الرغم من تنوعها إلا أنني عندما أفتحها تنبت بداخلي ألف سنبلة من الفرح والإحساس بالامتنان؛ لأنها ملهمة لي، وتعني لي الشيء الكثير، فمن يفكر بك بالسلب أو الإيجاب يعني أنه يعطيك مساحة من وقته ومن تفكيره وحياته، ولأني آخذ هذه الرسائل والقصص التي تردني بجدية مثل الحكايات الجميلة التي قرأتها في كتاب د. صالح هويدي «فتنة السرد»، حيث يتحدث هذا الكتاب عن السرد العربي القديم الذي أخذ أشكالاً عدة، وتسميات كثيرة، دالة على مرويات سردية، تأخذ شكل الحكاية المتلفعة في هيئة خبر، على حسب ما ذكره د. هويدي في كتابه، حيث يرى أن هذا النوع من الأدب تعرض للتغييب، ولأنه مرتبط بالعامة من الناس حيث أغلب أبطاله من الصعاليك والممسوسين والساخرين والمقصيين، ولكن بعد أن ظهرت مناهج حديثة على أيدي نقاد وباحثين مثل بروب وشتراوس، أدى إلى ظهور دراسات عربية في مجال السرد، ولكن أغلب الدراسات التي ظهرت في عالمنا العربي كانت نظرية، لذلك جاء كتاب «فتنة السرد» للدكتور صالح هويدي مقاربة النصوص الحكائية مقاربة نصية، حيث ينصت إلى النصوص ويستنطقها مندفعاً نحو عمقها وحقيقتها، محاولاً إبراز أهمية هذه النصوص، فهي ليست نكتاً أو أخباراً بل سرداً مكتمل الشخوص والأركان. وهذا الكتاب مليء بالحكايات التي أمتعتني فعلاً، فهي قادمة من التراث وبذرة للقصة القصيرة جداً كما ذكرها المؤلف، وسبب الربط بين رسائل القراء وهذا الكتاب هو القصص التي تأتينا ونغفلها ولا نستفيد منها، فعندما يفكر الكاتب بقصة أو رواية فهو ينطلق من دائرته الذاتية المتمركزة حول رغباته وأفكاره إلى دائرة الآخر، ينفذ إليها من خلال التفكير به ومراقبة سلوكياته وردات فعله، وهذا فعلاً ما يحتاجه الكاتب والمحاصر بجميع أنواع الصور الملهمة، فالإنسان تركيبته بسيطة ومعقدة في آن واحد، وعند النظر لماضيه لابد أن نعي أن الماضي مدينة مجهولة ننظر لها بشكل مختلف، وكذلك المستقبل قد يكون مدينة مجهولة لا نعلم كيف ستكون السلوكيات والأفكار فيه، ونحن لسنا متأكدين إلا من مدينة الحاضر التي نعيش بها، لذلك لابد أن نستوعب كل عمل نقوم به وبكل قصة تقابلنا أو نقرأ عنها أو نسمعها، وهذا مرتبط بشكل كبير بالإحساس العالي بالذات والآخر. لذلك أعود لرسائل قرائي وأنا مستمتعة وأتعلم منها، فما هي إلا رسائل حب ومودة تملأ صدري بالفرح.

المصدر: الرياض