سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

إدخال المطورين العقاريين في مسؤولية الإسكان

آراء

شركات التطوير العقاري يجب ألا تكون في معزل عن المسؤولية المجتمعية، خصوصاً تلك المتعلقة بإسكان المواطنين، صحيح أن الإسكان جزء مهم، ويحظى بأولوية في تفكير وخطط الحكومة، إلا أنه لا مانع أبداً من إطلاق مبادرات مجتمعية من شركات التطوير العقاري للإسهام في إسكان المواطنين، وتخصيص مساحات أو وحدات خاصة بمواصفات مختلفة وأسعار معقولة لخدمة مواطني الإمارات.

هذا الأمر ليس بدعة، ولا هو أمر غريب، بل هو شيء متعارف عليه، ومعمول به في مختلف أنحاء العالم، فالشركات مطالبة، في بعض الدول الأوروبية وغيرها، بأن تسهم في توفير وحدات سكنية للمواطنين، بالتأكيد ليست مجانية، ولكن بأسعار تفضيلية، وقروض ميسرة تجعل تلك الوحدات في متناول مختلف شرائح المجتمع.

وفي الإمارات شركات التطوير العقاري تحظى بدعم كبير ولا محدود، وتحصل على تسهيلات وامتيازات عديدة، وهي الآن تمرّ بمرحلة يزيد فيها العرض على الطلب، لذا فهي بحاجة إلى الترويج أكثر، وإعطاء تسهيلات أكثر لزيادة مبيعاتها، فمن باب أولى أن تدخل في شراكات مع برامج الإسكان الحكومية وعدد من الجهات المعنية، لتخصيص جزء من مساحات مشروعاتها الضخمة للمواطنين، شريطة أن تتناسب الوحدات السكنية أو الفلل المخصصة مع احتياجات المواطنين، من حيث التوزيعات الداخلية ومساحات الغرف والأسعار والرسوم السنوية، فما يناسب بقية الجنسيات لا يناسب المواطنين، وهنا لا نعني الفخامة والرفاهية والأشياء التكميلية، بل الأساسيات من حيث المجالس والصالات والمطبخ المنفصل، وغرف أصحاب الخدمات المساندة، وهذه أمور يمكن مراعاتها من البداية، ويمكن الاستعانة ببرامج الإسكان لتوفيرها.

حدوث مثل هذه الشراكات بين المطورين العقاريين وجهات الإسكان الحكومية، له فوائد عديدة على جميع الأطراف، فالمطوّر العقاري سيضمن بيع تلك الوحدات فور الانتهاء منها، ولكن بأسعار تفضيلية، ويمكنه في المقابل أن يحصل على تسهيلات ومزايا واستثناءات حكومية مقابل المبالغ التي تم خصمها للمواطنين جراء تلك الأسعار التفضيلية، والجهات الحكومية ستجد منفذاً جديداً لتوفير مساكن للمواطنين يعمل على تخفيف الضغط على مشروعات الإسكان ومخزون الأراضي المخصصة لإسكان المواطنين، كما ستجد حلاً مباشراً لإسكان بعض الفئات بشكل مباشر وسريع، كما أن الحكومة أيضاً ستستفيد من دمج المواطنين في مناطق متكاملة الخدمات، وغالباً ما ينقصها وجود المواطنين فيها.

ما يحدث الآن أن المطورين العقاريين يركزون بشكل كبير على إسكان الأثرياء وأصحاب الدخول المرتفعة، أو أنهم يشيّدون الفلل بطريقة تجارية لضمان دخل أكبر، فيعمدون إلى تصغير المساحات وتقليل المواصفات، وتالياً فإن كلا النموذجين لا يصلح إطلاقاً لإسكان المواطنين، فما المانع من الجلوس معهم في مرحلة التصميم، والعمل بطريقة أو بأخرى على تحميسهم وتحفيزهم لبناء جزء من الوحدات بطريقة تناسبنا، وبمزايا حقيقية يستفيدون منها في المقابل، ليربح الجميع ويستفيد الجميع!

المصدر: الإمارات اليوم