«إستراتيجية العصا» المرفوعة على إيران.. العملاء يتساقطون!

آراء

أميركا وحلفاؤها اتخذوا إستراتيجية العصا مع إيران من محورين رئيسيين، (الأول) مع عملائها حزب الله والحوثي والحشد وحماس، و(الثاني) مع الدول الداعمة لها وقطر وسوريا، وكلا الخيارين بحاجة إلى وقت قبل أن تنتقل الخطة إلى المحور (الثالث) في الداخل الإيراني..

تصاعد العمليات الإرهابية في أفغانستان مؤخراً، وتحريك فلول داعش في المنطقة الحدودية بين سورية والعراق، والضربة الجوية لقوات الحشد العراقي بعد أن حاولت أن تتسلل إلى الحدود السورية للقتال هناك؛ كلها مؤشرات على أن إيران بدأت تحرّك وكلاءها لمواجهة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها بسلاح الإرهاب الذي تدعمه بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، إلى جانب الحفاظ على مكاسبها في سورية بعد أن خسرت معركتها في اليمن، والخوف على مصير حليفها حزب الله في لبنان بعد العقوبات الأميركية عليه وتصنيفه وعدد من رموزه «جماعة إرهابية».

إيران ترى في الإرهاب وسيلة لتحقيق غاياتها التوسعية في المنطقة، ومبرراً للتدخل في شؤونها، وأسلوب ضغط على أميركا وحلفائها خارج حدودها قبل أن تصل النار إلى داخلها، والواقع يقول: إن العمليات الإرهابية في المنطقة ستزداد، والمال القطري سينفق الكثير في تمويل تلك العمليات، وستضطر دول في المنطقة مثل إسرائيل أن تباشر مهمة المواجهة الاستباقية ضد أي تحرك إيراني في سورية، بينما سيبقى التحالف الدولي لمواجهة داعش بقيادة أميركا بالمرصاد لتحجيم أي دور إيراني هناك.

خيارات إيران في المنطقة أصبحت محدودة، ومكشوفة بدعم الإرهاب وجماعاته، ويتبقى لها خيار مفتوح في الحرب الإلكترونية التي تخطط لها في ضرب مواقع حيوية في دول المنطقة، ومن بينها إسرائيل، وهي الحرب التي يستعد لها الجميع، ويرصدها في كل يوم عبر فيروسات خبيثة ترسل في أكثر من اتجاه، ورغم الفشل الإيراني في تحقيقها، إلاّ أنها لا تزال مستمرة، ومثيرة، وتتطلب تعاوناً دولياً لمحاصرتها، والحد منها.

المنطقة اليوم مقبلة على تسويات سياسية بدءاً من اليمن، ومروراً بسورية، وهي التسويات التي لا تريدها إيران في هذا التوقيت، حيث تشعر أن مكاسبها محدودة على الأرض، وغير مؤثرة على طاولة الحوار، وبالتالي تخشى أن ترتد نتائجها عكساً على داخلها المأزوم، والمتهالك بعد العقوبات الأميركية القاسية عليها، وتفقد دورها ومشروعها تبعاً لذلك، وحتماً أجنحتها الثلاثة: الإرهاب والطائفية والنفوذ.

أميركا وحلفاؤها اتخذوا إستراتيجية العصا مع إيران من محورين رئيسيين، (الأول) مع عملائها حزب الله والحوثي والحشد وحماس، و(الثاني) مع الدول الداعمة لها وقطر وسوريا، وكلا الخيارين بحاجة إلى وقت قبل أن تنتقل الخطة إلى المحور (الثالث) في الداخل الإيراني، ويبقى الأهم في تلك الإستراتيجية أن تبقى العصا مرفوعة على الدوام، وتضرب في كل اتجاه تمتد له طهران، أو تحاول الوصول إليه، أو تتمدد فيه، أو تراهن عليه.

إيران تلعب بآخر أوراقها على الأرض، وتختبر ما تبقى لها من دعم الجماعات الإرهابية، والأنظمة السياسية المتوافقة معها، وتراقب التطورات السياسية بهاجس الحرب المحتملة ضدها، وتحديداً من إسرائيل، والدليل أن إيران هي من تبادر حالياً في الفعل لتواجه ردة الفعل بمزيد من الخسائر في الأرواح والمال والعتاد، وهذا مؤشر مهم على أن العصا لا تزال مرتفعة بقدر وحجم الفعل الإيراني.

الواقع يقول: إن إيران في كل مرة تؤجل قرار استسلامها، والخروج من مناطق الصراع التي وجدت نفسها خاسرة ومهددة في نظامها، وهذا التأجيل سيحين له موعد مع الحقيقة التي يذكرها التاريخ حينما استسلمت ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية من دون شرط أو قيد، وحينما ترى قريباً الحوثي يستسلم مرغماً، وبعده قطر التي ستخضع للأمر الواقع وتبحث عن الحل في الرياض.

صحيح المهمة ليست سهلة في ضوء تعقيدات المنطقة، ومصالحها، وتحالفاتها الإقليمية والدولية، ولكنها في الاتجاه الصحيح، حيث لا مجال للمقارنة بين إيران العام الماضي والعام الحالي، وتحديداً بعد النجاح الذي تحقق في المحور الأول من خطة المواجهة معها، حيث يتجه الحوثي للاستسلام، وحزب الله للخنوع، والحشد للانكفاء على داخله، وداعش تحتضر ولن تُبعث من جديد، بينما المحور الثاني في المواجهة بدأت إرهاصاته واضحة بعد فشل صفقات طائرات أف16 الأميركية لتركيا، وعزلة النظام القطري، والضغوطات التي تواجه الأسد من اللجنة الدستورية المزمع تشكيلها لبدء الحل السياسي.

كل المؤشرات تقول: إننا أمام تحولات سريعة في المحور الثاني من مواجهة إيران، وستبقى نتائجها مرهونة بقدر ارتفاع العصا فوقها، حيث ستكون أقل ارتفاعاً من المحور الأول لكنها لن تنحني مطلقاً رغم التحديات والتهديدات أيضاً.

المصدر: الرياض