إما الحل السلمي.. أو السراب

آراء

المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216، وليس سواها، تشكل مرجعيات الحل السياسي في اليمن، وما عدا ذلك سراب، يلهث وراءه الحوثي، ومن خلفه الإيراني، دون طائل، فأوراق طهران انكشفت تماماً في المنطقة، وتكفيها أزماتها الداخلية، تحت وطأة العقوبات، واستنزاف الموارد، ثمناً للاستعصاء، والهيمنة.

تفاهم السويد بين الحكومة الشرعية وميليشيات الحوثي، على وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة، وانسحاب جميع القوات من منطقتها، وتبادل الأسرى، وفتح ممرات إنسانية خاصة بمدينة تعز، خطوة أولى نحو شمولية الحل، وإنهاء الصراع، لكنه يظل اختباراً لجدية الحوثي في تجسيد الواقعية السياسية، أو اختيار المراوغة طريقاً لمزيد من الخسائر، ومن هنا تأتي أهمية الرقابة الدولية، شكلاً ومضموناً، فالتجارب أظهرت أن الرهان على التنفيذ، وليس على التصريحات.

التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، كان دائماً مع السلام العادل، الذي يحقن دماء الشعب اليمني، ويضع حداً لمعاناته الإنسانية، ولم تكن العمليات العسكرية إلا ردعاً لتغول إيران، وميليشياتها الحوثية على واقع اليمن ومصيره، وحمايةً لأمن السعودية، وسائر الخليج العربي، وليس ترحيب الإمارات والسعودية، وسائر الأطراف العربية والدولية، باتفاق السويد، إلا انحيازاً آخر للحوار، من موقع القوة، مثلما هو رغبة مخلصة في إنهاء الأزمة، وإنقاذ اليمن من المجاعات، وتردي الأوضاع الإنسانية فيه.

على أن ذلك ليس إلا مقدمة لتنفيذ الأطر المرجعية للحل، وتقع على المجتمع الدولي مسؤولية رصد أي انتهاك حوثي، ومواجهته بصرامة، لئلا تكون محطة السويد الأخيرة، مجرد مناورة أخرى للخداع، الذي طبع سلوك الحوثي، وحليفه الإيراني، وسعيهما، إلى إطالة أمد الصراع، وهما يعرفان تماماً، أن لا جدوى، ولا فرصة ممكنة ليحسما النزاع، لصالح التمرد والتآمر، مهما استمرا في صواريخهما العبثية، وتوحشهما ضد المدنيين، وجعل اليمن ساحة للفوضى والإرهاب.

غير أن اختبار الالتزام في ما يتعلق بمدينة الحديدة ومينائها، وملف تعز، والجداول الزمنية لتنفيذ تفاهم السويد، ستشكل مقدمة للتفاوض حول مطار صنعاء، والملف الاقتصادي في يناير المقبل، ومن الضروري الآن، ألا يصمت المجتمع الدولي على أي تسويف، أو مماطلة، أو افتعال، في هذا الاتجاه.

ولا يغيب دائماً، أن بطولة بواسل التحالف، الإماراتيين والسعوديين، وقوات الشرعية، وتضحيات اليمنيين الخُلّص، شكّلت ضغوطاً متزايدة على الحوثي، وأجبرته على السير في طريق الحل السلمي، إِذْ لم يكن ثمة طريق آخر، إلا أن يستمر في أوهامه، ويواصل تلقي الضربات العسكرية، والاحتضار ميدانياً، وحين يرضخ اليوم لاستحقاق التفاوض، فمن المهم أن يتعلم من دروس الآخرين في الإقليم، ويرى أيّ كوارث حلّت بالبلدان العربية، التي مدت لها إيران أذرعاً للهيمنة، والاحتلال، والعسف بمصائرها، وسيادتها الوطنية.

المصدر: الاتحاد