حمود أبو طالب
حمود أبو طالب
كاتب سعودي

إنه وقت الحديث يا وزارة الداخلية

آراء

حسنا فعلت إمارة منطقة القصيم حين التقى نائب الأمير عددا من المشائخ والأعيان، وكان لقاء شفافا وصريحا كما وصفه أحد الحضور، وأكد أن الأمير وعدهم خيرا بعد تقديم كل مطالبهم خطيا، وكما هو معلوم فإن اللقاء تم على خلفية احتجاز عدد من الأشخاص، رجالا ونساء، إثر اعتصامهم الذي يعتبر مخالفة لنظام الدولة، وبعد فشل محاولات الجهات المختصة في إقناعهم بالتراجع وانهاء الاعتصام. نقول إن الإمارة أحسنت صنعا بهذه الخطوة، ولكن هل هي كافية إزاء قضية كهذه؟؟

دعونا أولا نقول إن هامش الحرية ومساحة الوضوح وحيز المصارحة في نقاش كل ما يتعلق بالشأن الوطني أصبح في المرحلة الأخيرة متجاوزا لحجم الحساسية المبالغ فيه سابقا دونما أسباب موضوعية، وأن تلك الحساسية أضرتنا ولم تنفعنا من حيث أنها سمحت للآخرين بالتخمين ونسج الأسباب والحيثيات والمجريات غير الواقعية أحيانالكثيرمن قضايانا المحلية. كما أن وعي المجتمع السعودي تجاه معظم الشؤون قد ارتفع كثيرا، ومنها الشأن السياسي، كنتيجة لارتفاع مستوى الثقافة العامة والانفتاح الاعلامي الذي لم يعد بإمكان أحد محاصرته، وبالتالي فالمواطن يحتاج إلى معرفة المعلومة وتفاصيلها من الداخل، ومن الجهات المتخصصة، لأن ذلك أفضل بكثير من استقائها من غير مصادرها، ولأن التحفظ عليها داخليا سيجعل المواطن في مواجهة المعلومة القادمة من الخارج، وحين تكون هذه المعلومة حاضرة وحدها فإنه ستكون مؤثرة عليه، بغض النظر عن دقتها أو صدقيها.

وما حدث في القصيم مؤخرا سبق أن حدث فيها، وفي العاصمة الرياض في أوقات سابقة بصورة أو بأخرى، ونشرت تفاصيله مواقع التواصل الاجتماعي، وعلقت عليه وسائل الإعلام الأجنبية ودخلت على خطه منظمات حقوقية بشكل يميل إلى تكريس صورة ذهنية لدى المتلقي بوجود تعسف ومصادرة للحقوق وخلل في عدالة القضاء تجاه قضايا المحتجزين الذين تمت الاعتصامات من أجل بعضهم. ونتذكر أن وزارة الداخلية أصدرت بيانا تفصيليا قبل فترة طويلة عن أعداد وسير معاملات المحتجزين على خلفية تهم بالضلوع في الإخلال بالأمن أو التورط في الممارسات الإرهابية بشكل أو بآخر، ولكن بعد ذلك البيان، ورغم تكرار الاعتصامات وضرورة الحضور الإعلامي بالمعلومات المفصلة، لم نسمع شيئا يتناسب مع أهمية هذا الملف، وضرورة عدم تركه عرضة للتخمينات والتأويلات باختلاف اهدافها وغاياتها.. لقد تكاثر عدد الخائضين فيه والمزايدين عليه، وجاءت الحادثة الأخيرة لتفتح الباب للمزيد، وبالتالي يصبح صمت وزارة الداخلية، أو تصريحاتها المقتضبة جدا غير مفيد لها وللمجتمع والوطن عموما، مع أنها قد سجلت حضورا إعلاميا متميزا في أوقات وأحداث سابقة. وطالما هي تملك المعلومات الكاملة عن الأشخاص الذين اعتصمت من أجلهم مجموعة القصيم وتثق بسلامة إجراءاتها بحقهم فالأفضل أن تطلع الرأي العام المحلي والخارجي عليها، لتتضح الحقيقة وحتى لا توظف هذه الحادثة أو غيرها سلبا ضد الوطن.

خاص لـ ( الهتلان بوست )