عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

احذروا.. إنكم تستغلون أطفالكم

آراء

نتهم الصغار والمراهقين بالسفه وعدم المسؤولية وتقدير الأمور، هذا ما نفعله طيلة الوقت كآباء وأمهات ومعلمين ومعلمات، هذا ما نكرره على مسامعهم إذا لم ينجحوا في المدرسة، وإذا كانت درجاتهم في الاختبارات المدرسية متدنية، وإذا تأخروا في العودة إلى المنزل، وإذا صادقوا أشخاصاً ليسوا بالمواصفات التي نريدها.

وإذا أمعنوا في إدمانهم على «تويتر» و«إنستغرام»، وإذا زودوها على «السناب شات»، لماذا تعرض حياتك الشخصية وصور البيت وتفاصيل السفرات الخاصة لكل الناس؟ هكذا صرخت صديقتي في وجه ابنها، ولطالما صرخت في وجه ابنتها المراهقة لأنها توافق على طلبات الصداقة المقدمة من الجميع!.

حسناً، لنتفق أولاً على دقة هذه العبارة «العمر له أحكام»، صحيح أننا غالباً ما نستخدمها لدلالة محددة وعادة ما نقصد بها التقدم في العمر، إلا أن علينا أن نعيد النظر في العبارة السابقة، العمر يمكن أن يكون صغيراً أيضاً وله أحكامه كذلك، وعليه فلماذا لا نعامل الصغار وفق هذا المنطق.

لماذا ننسى فارق العمر والتجربة والمعرفة بيننا وبينهم فنظل نتهمهم بالسفه لسوء اختيار الأصحاب؟ ألم نتعلم بعد التجربة رقم 100 كيف نختار صديقاً جيداً؟ ومع ذلك نظل نقع في المصيدة دائماً؟ لماذا نتهمهم بسوء تقدير الأمور في تعاملهم مع مواقع التواصل، ألا يفعل الكبار الأمر نفسه، بل أسوأ، بالرغم من أنهم كبار وحكماء وعقلاء ويعرفون كل شيء كما يدعون؟ .

انظروا إلى مواقع التواصل (الفيسبوك وإنستغرام وسناب شات)، ستجدونها مليئة حتى آخرها بمقاطع مصورة وأفلام قصيرة وصور متتالية لأطفال، مجرد أطفال صغار، لا يفعلون شيئاً سوى الإجابة عن أسئلة آبائهم وأمهاتهم بطريقة لا تخلو من الابتزاز والاستغلال.

فقط من أجل تصويرهم وعرض الصور والمقاطع أمام الجميع، فهل هذا سلوك حر ومنطقي ومبرر وإنساني فيه شيء من تقدير الموقف وحسن التصرف؟ أبداً، هذا السلوك يخلو تماماً من كل ذلك، برغم توافر حسن النية!.

في الدول التي تطبق اتفاقية حقوق الأطفال، فإن هناك محاذير كثيرة تجاه هذه السلوكيات، حتى لو كان مصدرها الوالدين، حيث يُنظر إليها باعتبارها انتهاكاً لحقوقهم وتعريض طفولتهم للابتزاز والتربح ربما، كأن يكون الهدف لفت أنظار شركات الإعلان والدعاية أو مخرجي السينما، أو حتى حصد المزيد من المعجبين والمتابعين!.

لقد قامت دولة متحضرة كفرنسا مثلاً بإصدار قانون يمنع مثل هذه التصرفات حمايةً للأطفال من الانتهاك أو السخرية منه مثلاً لأنه يتصرف بطريقة مضحكة؟ وهنا، فإن الآباء معرضون للمحاسبة حتى بعد أن يكبر الطفل، لهذا علينا أن نفكر كثيراً في عواقب سوء التقدير في تعاملنا مع أطفالنا على وسائل التواصل، وعلينا أن نعلم أن الإمارات من أوائل الدول التي وقّعت على اتفاقية حقوق الطفل، وصدور قانون مثل القانون الفرنسي غير مستبعد أبداً.

المصدر: البيان