اخلع عباءة العروبة!

آراء

بدأت في كتابة هذه المقالة في براغ قبل سنة!
أشعر بامتنان كبير للظروف التي هيأت لي أن أقضي إجازاتي خارج العالم العربي ولا تراودني أية مشاعر “بالذنب”
لأنني – شخصياً – قد حسمت أمري منذ سنوات وقررت ألا أقضي إجازة، قصيرة أو طويلة، في أية مدينة عربية.

و نصيحتي للأصدقاء بأن يقضوا إجازاتهم خارج العالم العربي أو يبقوا في بيوتهم معززين مكرمين بين أهلهم و ذويهم. يقول أهل قريتي، في غابر الزمان: “من خرج من داره قل مقداره”. لكنه مثل يجسد حال الإنسان العربي حينما يغادر داره إلى ديار “إخوانه” العرب.

إن أجدادي من البدو و الحضر لو اكتشفوا العالم الجديد لعرفوا أن العربي يقل مقداره حينما يزور بلد أخيه العربي و يزداد مقداره حينما يزور بلدان العالم الآخر، خصوصاً خارج حدود البلاد التي ذبحتنا قياداتها بالحديث الطويل عن الأخوة والعروبة!
في مدينة بولونيا الإيطالية ، شربت قهوتي في مقهى صغير ثم تركت قيمة القهوة على طاولتي وذهبت.
في منتصف الشارع المقابل، كانت النادلة تطاردني لتعطيني “الباقي” من المبلغ الذي تركته على الطاولة وهو لا يتجاوز دولارا واحدا.

وفي روما قررت شراء قميص فنصحني البائع أن أنتظر لليوم التالي ووعدني أن يحجز لي القميص. لماذا؟ لأن تنزيلات بنسبة %30 ستبدأ في اليوم التالي! وفي التاكسي، في براغ -كما في كل مدن العالم “المحترم”- لا يكون سعر المشوار حسب جنسيتك أو لهجتك! ولو استعرضنا الفوارق الكبيرة، في التعامل وفي الأسعار، في الأمان والاحترام و راحة البال، لزادت قناعتك أن السياحة خارج بلاد “العروبة” أكثر أماناً وأجمل وقتاً وأقل سعراً. في السفر والسياحة، أعترف أنني قد خلعت عباءة “العروبة” وتركتها لأهل “الكلام الكبير” في الوحدة والعروبة و… شفط الجيوب!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٩٣) صفحة (٣٦) بتاريخ (٠٦-٠٣-٢٠١٢)