اقتصادنا المعرفي

آراء

أكثر من 110 مليارات دولار، حققها موقع البحث العملاق «جوجل» العام الماضي، وهذا مجرد مثال على ما تحققه شركات التكنولوجيا والمعلومات من قفزات عالية سنوياً، متقدمة على شركات عالمية تعمل في قطاعات تقليدية، وبعضها تأسس في القرن التاسع عشر.

هذا مظهر مباشر للتغيرات الاقتصادية الكبرى التي أحدثتها المعرفة التكنولوجية في الأسواق. لقد غيّرت مفهوم الإنتاج، وطورت مضمون السلع، والأهم أنها طرحت موارد جديدة ساهمت في دفع الحياة الاجتماعية إلى عصر السرعة، إلى أن أصبحنا نتجول في متاجر العالم، ونتسوق بهواتفنا الذكية، ونحن جالسون في منازلنا.

أي أننا في عصر، يشترط تعليماً جديداً، وتشجيعاً للابتكار والعلوم، لتحويل جوهر التكنولوجيا إلى «اقتصاد معرفي»، يكتفي الآن بحصة معقولة من الأسواق، لكنه بالتأكيد يتهيأ للسيطرة التامة على أنماط الاستهلاك، ولا دليل أكثر وضوحاً من اعتماد اقتصادات دول متقدمة على الأجهزة والبرمجيات، وما يتصل بالتقنيات السحابية، وإنترنت الأشياء.

الإمارات أكثر من جاهزة للمساهمة في «اقتصاد المعرفة»، فلديها القواعد الأساسية، من التعليم النوعي، وبرامح الابتكار، والبيئة التشريعية الملائمة، إلى بنية الاتصال والمعلومات والانفتاح على الأسواق العالمية، وبلادنا اليوم تشهد ارتفاع مساهمة الاقتصاد المعرفي في الناتج المحلي إلى أكثر من 4.5%، لتقترب من نسبة الـ5% المستهدف تسجيلها في العام 2021، وفقاً لسلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد.

الإمارات تطمح إلى مساهمة أعلى لاقتصاد التقنية والمعلومات، فهذا السباق مفتوح أمام الدول التي تستثمر في التعليم والإبداع. الفكرة الآن تتحول إلى سلعة، والتكنولوجيا تستمر في خلق الفرص، ومن المفيد أن تُؤخذ الإمارات نموذجاً في هذا الاتجاه، وهي تحتل منذ سنوات المركز الأول في «مؤشر اقتصاد المعرفة» العربي.

أدركت الإمارات أن هذه سوق مفتوحة للدول المتقدمة، والنامية. فتطبيق ذكي واحد يبدعه شاب في سريلانكا، أو اكتشاف برمجي لطالب في الصين كفيلان بتحصيل عوائد تفوق الاستثمار في قطاعات تقليدية أضعافاً مضاعفة، ونتذكر جميعاً كيف حطمت لعبة «بوكيمون غو» قبل عامين الأرقام القياسية في المبيعات والأرباح العالمية.

هذه «ثروة العقل» الجديدة، ودولتنا من أوائل الدول التي اكتشفتها مبكراً، فنحن كدولة متحدة منذ 1971، استوعبنا الإيقاع السريع لثورة المعلومات والتكنولوجيا والاتصال، ووجهنا نظامنا التعليمي نحو علوم العصر وثقافته، وسارعنا إلى مأسسة الابتكار، ولَم ننتظر طويلاً حتى بات لدينا جيل من العلماء، ويتهيأ شبابنا إلى ارتياد الفضاء.

ومع نمو سوقنا المعرفية، فإن الأخبار سارة من وزير الاقتصاد، وهو يؤكد أن «الوضع الاقتصادي مستقر ونحقق نمواً إيجابياً، ونتوقع أن يتواصل ليتراوح بين 3.5% إلى 4% في ظل ارتفاع أسعار النفط».

المصدر: الاتحاد