علي سعد الموسى
علي سعد الموسى
كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية

الإخوان: دولة المنظمة السرية

آراء

تكشف قصة الدكتور، راشد الغنوشي، زعيم إخوان تونس وحركة نهضتها، مع الأشرطة السرية المهربة لأحاديثه، ذات قصة حركة الإخوان المسلمين مع نتائج الربيع العربي في جمهورياته الثائرة. لم تستوعب الحركة حتى اللحظة، أنها على رأس الحكم، وأنها مدعومة بالجماهير، وأنها تعمل تحت الأضواء، وفي مرحلة التمكين والجهر. لا زالت حركة الإخوان المسلمين تتصرف في كثير من المواقف ذات تصرفاتها القديمة كحركة سرية. لا زالت تبرهن في كل مرة ومع كل طارئ سياسي أنه لا زال لديها – أجندة – سياسية خفية لا تستطيع أن تقولها في حملات الانتخاب، ولا أن تجهر بها في الخطب المعلنة، ولا تستطيع أيضاً أن تقولها علناً ضمن برامج وعودها للناخبين؛ خوفاً من ردة الفعل.

وحتى الأمس، اضطر راشد الغنوشي ـ وفي أقل من عام واحد ـ أن ينفي أحاديثه السرية المسجلة، ثم عاد بعد النفي إلى التبرير بالاجتزاء وتحريف السياق، وعندما نشرت كاملة عاد ليحاول امتصاص ردة الفعل، راكباً تبرير التأويل، وأن الجمهور قد فسر أحاديثه بغير ما كانت تقصد. وما حدث للغنوشي، حدث للترابي من قبل يوم كان زعيماً جهرياً بجوار عمر البشير، وحدث أيضاً لزعيم حركة حماس بعد الانفصال عن الضفة. في الأحاديث المسربة، تبدو الجماعة واضحة ببرنامج سياسي غير الذي اقترعت عليه الجماهير، وفي كل الأحاديث المسربة للقيادات المختلفة، وفي الدول المختلفة، يبدو واضحاً ذلك الخيط المشترك للجماعة. برنامج خاص في قضايا المرأة، وطبيعة الحكم، وشكل الدستور، وفي النظر إلى التعددية السياسية. في معظم هذه القضايا يبدو أن للجماعة منهجا سياسيا يدار – بالتهريب – ولا يعلن حتى يقترع عليه الجمهور في انتخابات مباشرة. ومن يقرأ الفوارق الواضحة بين ما يعلن وبين ما يهمس به من أحاديث جاء بها التسريب الإلكتروني سيعود بالضبط إلى كتاب – العلوي – الشهير عن عراق صدام الذي أسماه (دولة المنظمة السرية).

صحيح أن الفوارق هائلة ما بين الدكتاتور وبين الدكتور الذي جاء بجماعته للحكم على أساس الصوت والصندوق، وصحيح أن الأجندة مختلفة، ولكن الصحيح أن مثل هذه المواقف تبعث الريبة في السؤال: لماذا لا يقولون في العلن كل ما يراد له أن يفعل؟!

المصدر: الوطن اون لاين