محمد الحمادي
محمد الحمادي
رئيس تحرير صحيفة الرؤية

الإخوان واغتيال الاعتدال

آراء

صراخ الإخوان وصبيانهم في كل مكان، وإنكار علاقتهم بمحاولة اغتيال الشيخ علي جمعة، مفتى مصر السابق – رغم إعلان من أطلقت على نفسها «حركة حسم» الإخوانية مسؤوليتها عن العملية – لا يدل إلا على الإفلاس، ومحاولة إيحاء صبية الإخوان، وكأن هذه الجماعة لا علاقة لها بهذه الجريمة، ولا بالاغتيالات، ولا بالعنف، ولا بالتطرف، وذهابهم إلى اعتبارها تمثيلية، والإيحاء بأن هناك من دبر هذه العملية أمر لا نستغربه من هذه الجماعة التي تعودت الكذب.

لقد نجا الشيخ علي جمعة من جريمة مَنْ أطلقوا على أنفسهم «حسم»، لكن آخرين كثيرين لم ينجوا من رصاصات الإخوان، ومَنْ خرجوا من تحت عباءتهم فنالتهم أسلحة الإرهاب الغادرة، لقد أراد الإخوان بهذا العمل الإرهابي أن يوصلوا رسالة إلى كل رجال الدين المعتدلين، ممن يخالفونهم ويقفون ضدهم، أن مَنْ لا يكون معهم أو مَنْ لا يصمت عن انتقادهم، فإنه سيكون هدفاً مشروعاً للتصفية والاغتيال، لكن الله حفظ الشيخ جمعة الذي كان موقفه قوياً بقوة إيمان الرجال المخلصين بربهم، وبدينهم، وبوطنهم، فبمجرد أن فشلت المحاولة، ونجا من الاغتيال، صعد على منبره وخطب في المسلمين بكلمات الدين والإيمان وما يحثنا عليه الإسلام الحنيف.

في السنوات الأخيرة لفظ المجتمع المصري الإخوان، وأصبح كل من كشف الإخوان على حقيقتهم يرفض أن يتعامل معهم، وهم يعيشون اليوم في عزلة، وفي أسوأ مراحل تاريخهم، لذا فإن لجوءهم إلى العنف لن يكون مستغرباً، فتاريخهم معروف وخصوصاً في ظل خسائرهم المادية، والمعنوية المتتالية، وفي ظل وجود قيادات ضعيفة ورؤية مشوشة، وانقسام في جسد الجماعة.

إن فشل العملية الإرهابية باغتيال المفتي السابق، هو فشل جديد للإخوان، ورسالة لهم في كل مكان بأن عبثهم لن يعود مرة أخرى، لقد أراد الإخوان الإرهابيون بهذه العملية أن يضربوا الإسلام المعتدل، وأرادوا أن يضربوا هيبة مصر، وأرادوا أن يزعزعوا استقرار مصر، وأرادوا أن يرسلوا رسالة للعالم بأن مصر لا تزال غير آمنة، لكن تدبيرهم ارتد إلى نحورهم، ففشلوا فيما دبروا، وكل ما قدروا عليه هو الصراخ بأن محاولة الاغتيال مجرد مسرحية، دون كلمة استنكار، أو إدانة، أو أسف على محاولة اغتيال عالم دين! والشيخ علي جمعة أحد الذين يواجهون الأفكار الإرهابية والجماعات المتطرفة والإخوان، لكن المواجهة يجب ألا تكون بمحاولة اغتياله، وإنما بالحوار معه ومناقشته، لكن الإرهابيين لا يعرفون غير لغة الدم.

قد تكون هذه المحاولة الأولى لاغتيال عالم دين بهذه المكانة، لكنها لن تكون الأخيرة، فكل علماء الدين المعتدلين مستهدفون كما كان ولا يزال ديننا الحنيف مستهدفاً.

المصدر: الإتحاد