الإخوان والاقتراب من الهاوية

آراء

كشف تطور الأحداث في مصر في الأيام الماضية عن أشياء كثيرة، ربما لم تكن ملموسة أو معروفة للكثيرين من قبل، ومن أهم هذه الأشياء، الغباء السياسي الحاد الذي اتسمت به جماعة الإخوان المسلمين، والذي لم تصفها به المعارضة المصرية وحدها، بل وصفها به حتى حلفاؤها ومؤيدوها في الغرب، وعلى رأسهم واشنطن، سواء على المستويين الرسمي أو الإعلامي.

حيث انتقدت غالبية وسائل الإعلام الغربية تعامل الرئاسة المصرية مع الأحداث ووصفت سياستها بالديكتاتورية. ويبدو أن هذا الأمر أثار قلقاً حاداً لدى جماعة الإخوان، إضافة لقلقها وتوترها الشديد من اشتعال الشارع المصري ضدها في كل المدن المصرية، وإحراق أكثر من خمسة وعشرين مقراً للجماعة، بما فيها المقر الرئيسي في “المقطم” في القاهرة، وهو المقر الذي كان الإخوان يعتبرونه حصناً حصيناً لهم.

سقوط ضحايا في الأحداث الأخيرة أوقع الإخوان في مصر في حالة ارتباك شديدة، جعلتهم بالفعل يخشون المصير الذي يلقاه نظام مبارك المخلوع، وهذا ما بدا واضحاً في خروج قادة الجماعة لأول مرة للجماهير ووسائل الإعلام، وحديثهم الذي امتلأ بالاتهامات المباشرة لأشخاص وجهات أخرى بالمسؤولية عن القتلى في التظاهرات. فقد ظهر المرشد العام محمد بديع في وسائل الإعلام وهو يتحدث عن مؤامرة وتخريبيين وأسلحة وأشياء كثيرة مطابقة تماماً لاتهامات نظام مبارك للثوار في 25 يناير 2011.

وزاد المرشد في حديثه، المرتبك المشوب بالقلق والتوتر الواضح، باتهامات للكنيسة وللرموز السياسية أمثال البرادعي وعمرو موسى والصباحي وغيرهم، ومن شدة توتر المرشد وارتباكه ادعى البكاء على أرواح القتلى في مشهد تمثيلي لا يليق، وخرج نائبه المختفي وراء الكواليس خيرت الشاطر، والذي بدا عليه التخبط والارتباك إلى حد اعترافه شخصياً في وسائل الإعلام بأنه وجماعته كانوا يراقبون ويتجسسون على القوى السياسية الأخرى.

حيث قال الشاطر حرفياً “لقد رصدنا بعد الثورة لقاءات سرية لأشخاص وجهات تسعى لإعاقة مسار الثورة”! ولم يدرك الشاطر أنه يتحدث باسم الجماعة وليس باسم نظام الحكم الذي لا يشغل فيه الشاطر أي مكان، بل إن الرئيس مرسي نفسه اعترف بممارسة نظامه، الذي لم يمض عليه في الحكم أكثر من أربعة شهور، لأساليب التجسس على القوى السياسية الأخرى، وقال في خطابه إنهم سجلوا اجتماعات لقوى سياسية أخرى في مكاتب بعض الشخصيات.

كل هذه الظواهر تعكس انعدام الخبرة السياسية، والارتباك الشديد لدى جماعة الإخوان، وإحساسها بأن الحكم لن يستقر لها في مصر طويلاً، وأنها ينتظرها مصير لا يقل سوءاً عن مصير نظام مبارك، خاصة وأن الإخوان على يقين تام من أنهم ليست لديهم أية حلول أو قدرات على مواجهة كم المشكلات الهائل في المجتمع المصري.

وهذا ما بدا واضحاً في تخبطهم في القرارات التي تتخذ اليوم ويتراجعون عنها في الغد. فرص الإخوان في البقاء في الحكم في مصر باتت ضعيفة للغاية، ويبدو أن مؤيديهم وحلفاءهم في الخارج استشعروا هذا الأمر، وبدأوا يستعدون لمرحلة ما بعد سقوط الإخوان.

 المصدر: البيان