هاني الظاهري
هاني الظاهري
كاتب ومستشار إعلامي.. مؤسس مجموعة تسويق الشرق الأوسط للاستثمار.. رئيس مركز الإعلام والتطوير للدراسات

الإمارات تسمم جحور الإرهاب!

آراء

قبل أيام أدرج مجلس الوزراء في الإمارات 84 جهة حول العالم في قائمة المنظمات الإرهابية، مسجلاً بذلك قفزة هي الأولى من نوعها في تجريم «الاستغلال الحزبي للدين»، واعتبار ذلك «إرهاباً» حتى وإن لم يترجم بعمليات تفجير وقتل وإدانات قانونية، وهذا ما يمكن اعتباره موقفاً طلائعياً استشرافياً شجاعاً، لم يسبق الإمارات عليه أحد، وهو موقف يحمل رسالة ضمنية فحواها: أن تجريم الفكر الإرهابي، الذي يحول الدين إلى «حزب أو تنظيم سياسي» مقدم على تجريم العمليات الإرهابية على الأرض، وهذا بالطبع نتاج سياسة واعية بالخطر الحقيقي الذي يهدد الواقع الإسلامي اليوم في مختلف بقاع هذا الكوكب.

قائمة الإرهاب الإماراتية ساوت تماماً بين التنظيمات المسلحة، كالإخوان والقاعدة وداعش، وبين الجماعات والهيئات والأحزاب المدنية التي تتدثر بالشعارات الإسلامية في دول أوروبا، والولايات المتحدة، على رغم عدم تجريمها هناك، والسبب كما أفهمه، ويفهمه من له اطلاع تام على أدبيات هذه الجماعات والهيئات، يتلخص في كونها المحضن الفكري الأساس للإرهابيين، والرافد الحقيقي للجماعات المسلحة في سورية والعراق وليبيا وغيرها.

فالإرهابي الذي خرج من بريطانيا إلى تركيا، ليتسلل عبر الحدود إلى العراق وسورية، بهدف الانضمام لصفوف داعش، لم يكن داعشياً أو قاعدياً بشكل تنظيمي مباشر قبل خروجه من بلده، بل كان تلميذاً مخلصاً، تربى على فكر الهيئات الأوروبية الإسلامية، التي جرمتها القائمة الإماراتية، مستبقة حتى تجريمها في دولها الأم، وهذه ميزة السياسة الإماراتية، التي عودت المجتمع الدولي على تسجيل المواقف الشجاعة في مكافحة الإرهاب باكراً، وعدم ترك أي ثغرات قانونية أو تشريعية في أنظمتها يمكن أن تؤدي للتسامح مع الفكر الإرهابي، وربما شرعنته، كما يحدث في كثير من الدول التي تدور في دوامة «وهم مكافحة الإرهاب» منذ أعوام طويلة، بينما هي في واقع الأمر ترقد على فوهة بركان من محاضن الفكر الإرهابي، وتغذية من دون أن تشعر، تاركة مستقبلها السياسي وأمنها ومصير مواطنيها رهناً للظروف أو بشكل أصح «على كف عفريت».

لا أعلم حقيقة إن كانت قائمة الإرهاب الإماراتية ستصبح نافذة في دول مجلس التعاون الخليجي، بناء على الاتفاق الأمني بينها، لكن ذلك يبدو صعباً بالنسبة للدوحة على الأقل، التي تحتضن «يوسف القرضاوي» وهو وفق القائمة الزعيم الرسمي لإحدى المنظمات الإرهابية «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، هذا طبعاً إذا تجاهلنا كونه الزعيم الروحي للتنظيم الدولي لـ«الإخوان المسلمين»، لكن يبقى ذلك مجرد ورقة ربما تضاف لملف تسوية الخلاف الخليجي مع قطر وفق اتفاق الرياض التكميلي.

المهم أن تستلهم بقية دول الخليج الموقف الإماراتي من جماعات الإسلام السياسي في أي بقعة على وجه الأرض، وتجرمها قانونياً، فهذا هو ما يمكن أن يُعبر عنه بعبارة «تجفيف منابع الإرهاب»، لأن الإرهاب بكل بساطة «فكر» أما العمليات الإرهابية فنتيجة لا أكثر.

المصدر: الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Hani-El-Dahari/5758971