الإمارات تعتني بحياة الناس

آراء

(الإمارات تعتني بحياة الناس)، هذه العبارة سمعتها من الزميل العزيز، والإعلامي المتألق أحمد المجيني، من خلال استوديو واحد، وقد شعرت بنسمة رهيفة، توشوش في مسمعي، لكون العبارة لها دلالة موحية وأثر مقيم في وجداننا نحن أبناء الإمارات.

نعم (الإمارات تعتني بحياة الناس) وبشؤونهم، وهي مثل الوردة، تعتني بوجدان كل من يقترب منها، وتعبقه بأثير وعبير ونث مطير، وتزين المشاعر بقلائد المجد، وفرائد الوجد وقصائد السعد، وتضع على صدور العشاق أوسمة الحب والأيام الجميلة، وتنثر عطر الفرح في المكان والزمان، وتجعل التاريخ صفحات من نور، وكلمات من باقات السرور.

هذه هي الإمارات، فجر يخطو باتجاه الشمس، ودهر يمضي نحو آفاق القبس، وفخر يتصدر قامات الرجال، وذخر يثري إرادات البواسل الأفذاذ، وطور يعانق النجمة، وسطر يضع النقطة على جبين الغيمة، وفكر يزهو بأفعال النوابغ والمبدعين، الذين طوقوا حياة الناس بأساور من ذهب الخصال وحسن الوصال، هم هؤلاء قادة الوطن، هم البريق الأنيق، هم الصوت والصيت والصون، هم البحر إذا مد مداه للمدى، فامتد مداداً، يكتب للتاريخ عن وطن صار في الامتداد، تضاريس مزروعة بالسعادة، وخريطة مغروسة في الوجود، شجرة تين ورمان وياسمين، وسمة من سمات القمر اللجين، وأحلام الرجال اليافعين، وخيال من خيالات العباقرة المبدعين، يصنعون التاريخ من برد السماء ومن نجابة الأرض، ويرصفون الحياة ويمهدون طريقها بأنامل من حرير، وهمس الجداول عند منابع النهر الكبير.

هذه هي الإمارات، تعتني وترتب وتهذب وتشذب، وتكتب للآخرين رسائل فحواها، أن الأوطان مثل الأجنة، لا تنمو مضغها إلا بالحب، ولا تزهر أعشابها إلا بسعادة الآخرين، ولا تثمر أشجارها إلا بأمان الناس وطمأنينتهم، ولا تكبر عصافيرها إلا باستتباب أغصانها، ولا تخضر أوراقها إلا بسريان الماء في عروقها.

هذه هي الإمارات تعتني وتملأ أوعية القلوب، بعذوبة الانسجام، ورهافة التغريد، ورقة التعاويذ، ودماثة الحلم، وهو يتسرب إلى الإحساس مثل الندى، مثل نداء الطير وهو يعانق الفضاء، برحابة ونجابة ومهابة، هي هكذا الإمارات، لم تتبوأ أفق السماء، إلا لأنها انسجمت قبل كل شيء مع ضفاف النهر وسواحل المحيط، إلا لأنها انغمست في أتون الوجود، متحدة مع الكائنات بفلسفة وحدة الوجود، وقدرة الإنسان على الحب حتى في أقسى الظروف، لأنه الوحيد الإكسير الذي يكسر حدة جمود العاطفة وغياب الضمير.

هكذا هي الإمارات، الحلم الذي صار واقعاً، يتمشى على رصيف الحياة، معلناً أن السعادة هي الثابت، وما سواها هو المتغير والمؤقت.

المصدر: الاتحاد