سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

الإمارات منارة علم وثقافة وسط سُبات عربي

آراء

الإمارات ليست نفطاً وأبراجاً ومباني أسمنتية، بل هي شعاع حضاري ينشر النور وسط ظلام دامس يلف معظم أنحاء الوطن العربي، ذلك النور هو تطور تقني، وحضاري، وإنساني، ودولة حديثة فائقة التطور، مليئة بالخدمات، وإنسان يعيش بحرّية وكرامة، ومجتمع آمن يحظى بالعدالة والاستقرار..

ليس هذا فقط، فالإمارات أصبحت اليوم أيضاً منارة ثقافية تنشر الأدب والعلم والثقافة العربية لجميع دول العالم، في وقت تمر الثقافة العربية بأشد أزماتها، ويعاني الكتاب العربي أزمة وجود تجعله غائباً، أو بالأحرى على مشارف الموت والفناء بين ثقافات وكُتب العالم..

الإمارات تلعب حالياً الدور الثقافي والفكري الأبرز في الوطن العربي، وهي تشهد حراكاً ثقافياً مميزاً، محلياً وعالمياً، وتأهلت لتكون بكل صدق وجدارة سفيرة للثقافة العربية في جميع قارات ودول العالم، ولعل أهم ما يثبت ذلك هو حركة الترجمة الكبيرة التي تقوم بها مؤسسات ثقافية إماراتية مختلفة، حيث تقوم بترجمة الكتب العربية إلى جميع لغات العالم، وعلى سبيل المثال ذلك الإنجاز الضخم الذي تقدمه «منحة الترجمة» في حكومة الشارقة، التي تقوم بترجمة ٥٠ كتاباً سنوياً إلى لغات مختلفة، مثل الإنجليزية والبولندية والتركية والهندية والألمانية والاسكندنافية وغيرها الكثير، بخلاف الترجمات التي تقوم بها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، وهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وحتى نعرف حجم هذا الإنجاز، علينا أن نعرف أن حجم ترجمة الكتب العربية إلى لغات أخرى، كان يقدر بخمسة كتب فقط سنوياً من جميع أنحاء الوطن العربي!

الأرقام هي الفصل غالباً في إثبات الحقائق، والأرقام تقول إن حجم سوق الكتب والطباعة في العالم العربي بأكمله يبلغ مليار دولار سنوياً، ونصيب الإمارات وحدها من هذا المليار هو 230 مليون دولار، وهذا يعني أن ربع حجم سوق الكتب والطباعة تستحوذ عليه الإمارات وحدها، والإمارات صدّرت لأوروبا كتباً بقيمة 22 مليون يورو، ما يجعلها، من دون منافس، عاصمة الثقافة العربية ومنارة حضارية مشعة للثقافة العربية على المستوى العالمي..

العالم العربي، الذي كان يغذي العالم علماً وحضارة، أصبح اليوم غائباً عن ساحة العلم والثقافة، ففي الوقت الذي تنتج إسرائيل، على سبيل المثال، 600 ألف كتاب سنوياً، ينتج الوطن العربي بأسره 15 ألف كتاب، ليس هذا فحسب بل إن معظم الكتب العربية المنتجة أو بالأحرى المُعاد إنتاجها، هي كتب تراث كُتبت قبل مئات السنين، وهناك شح كبير ونقص واضح في الكتب المخصصة للأطفال واليافعين، لذلك فلا غرابة أن تولي حكومة الإمارات اهتماماً منقطع النظير بالكتاب والقراءة، وأن تجعلهما شأناً وطنياً، وتسهم في نشرهما بقوة بين مختلف فئات المجتمع، فالمشكلة كبيرة، والوضع الثقافي العربي مؤلم، والكتاب العربي يحتضر!

المبادرات الإماراتية في هذا الشأن مبادرات نوعية، ومركزة، وذات أهداف واضحة، كما أنها شاملة، حيث قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتخصيص عام للقراءة، وإطلاق مشروع تحدي القراءة العربي، الذي نشر ملايين الكتب ليجعل الأطفال والشباب يقرأونها في جميع الدول العربية، إضافة إلى مبادرات الشارقة المختصة في تأليف كتب الأطفال واليافعين، وترجمة الكتب العربية إلى جميع لغات العالم، وفي ظل السُبات الثقافي العربي تأتي هذه المبادرات لتنير ذلك النفق المظلم وتملأه نوراً وعلماً وثقافة..

المصدر: الإمارات اليوم