محمد الحمادي
محمد الحمادي
رئيس تحرير صحيفة الرؤية

الإمارات والصين ورؤية 2050

آراء

ما يجمع دولة الإمارات وجمهورية الصين الشعبية كثير من نقاط الاتفاق، وتتشاركان في الرؤى التي يمكن أن تجعل العلاقات بين البلدين ناعمة وقوية ومتصلة مثل خيوط الحرير، وبالرجوع إلى خطاب الرئيس شي جين بينج في افتتاح المؤتمر القومي التاسع عشر للحزب الشيوعي في نهاية العام الماضي، فإن العالم ينتظر دولة مؤثرة على الساحة الدولية وذات دور متزايد، فقد حدد الرئيس شي في كلمته رؤية طموحاً تمتد على مدى العقود الثلاثة القادمة، واعداً بإرساء «دولة اشتراكية حديثة عظمى» بحلول منتصف القرن الواحد والعشرين، حين تصبح «قائداً عالمياً من حيث القوة الوطنية المركبة والنفوذ الدولي» باقتصاد حديث وثقافة متقدمة وقوات مسلحة من المستوى العالمي.

لقد نجحت الصين خلال السنوات الماضية وخصوصاً الخمس الأخيرة، في تحقيق الرخاء لأفراد المجتمع الصيني، وأصبح الشعب يتمتع بحياة أكثر «سعادة وأمناً وصحة»، وهذا ما يجعل الرئيس الصيني أكثر طموحاً ممن سبقوه، الأمر الذي بدا واضحاً خلال خطابه عندما حدد خطة للتنمية من مرحلتين كل منها تستمر لخمسة عشر عاماً، وتبدأ المرحلة الأولى من عام 2020 وتنتهي عام 2035 يتم خلالها العمل على بناء مجتمع رغد على نحو شامل. ومن المقرر أن تشهد البلاد عندئذ طفرة كبرى في قوتها الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية، وتكون في مقدمة ركب الدول المبتكرة، كما وستعمل على أن تكون حقوق الشعب في المشاركة المتساوية، ويتم إنجاز بناء الدولة والحكومة والمجتمع وخضوعها جميعاً لحكم القانون، وبذلك سوف ترتفع نسبة الفئات ذات الدخل المتوسط، ويتحقق تكافؤ الخدمات العامة الأساسية، ويتقدم جميع أبناء الشعب نحو الرخاء المشترك. كما يتم تشكيل منظومة حوكمة اجتماعية حديثة.

أما المرحلة الثانية، التي تنتهي في عام 2050 فستحقق للصين أن تكون «دولة اشتراكية حديثة عظمى»، تتمتع بالرخاء والقوة والديمقراطية والتقدم الثقافي، لتتحول بذلك إلى دولة ذات تأثير عالمي. ويتم في تلك الفترة الوصول لارتفاعات جديدة في جميع أركان التقدم المادي والروحي والسياسي والثقافي والأخلاقي والاجتماعي والإيكولوجي والعسكري، وتحديث نظام حكم الدولة، لتصبح من الدول الرائدة من حيث القوة الوطنية الشاملة والتأثير الدولي، ويتحقق الرخاء المشترك لجميع أفراد الشعب، وتقف الأمة الصينية شامخة وسط أمم العالم.

هذا جزء مما جاء في خطاب الرئيس الطموح شي جين بينج، فالإنسان جزء من رؤيته وتوفير الوظائف والسكن وتشجيع الابتكار على أجندة الصين الحالية والمستقبلية، أما فيما يتصل برؤية الصين ودورها على الصعيد الدولي، فقد أكد شي في خطابه «مهما بلغت درجة تطور الصين فلن تسعى أبداً للهيمنة أو التوسع»… وقال «يجب ألا يتوقع أحد أن تبتلع الصين أي شيء من شأنه الإضرار بسيادتها أو أمنها أو مصالحها.. وينبغى إعلاء الإنصاف والعدالة الدوليين ومعارضة أي أعمال تستهدف فرض إرادة أحد على آخرين أو التدخل في الشؤون الداخلية لهم، وممارسة القوى للاستئساد على الضعيف».

إن عناصر هذه الرؤية المستقبلية لا تختلف في شكلها ومضمونها عن رؤية دولة الإمارات المستقبلية، الأمر الذي يفسر مستوى التفاهم والتقارب بين البلدين ومستوى الطموح المستقبلي الذي يتطلع الطرفان لتحقيقه على مدى السنوات المقبلة.

المصدر: الاتحاد