الابتسام والضريبة المضافة

آراء

لم يكن المواطن السعودي بشكل عام يميل إلى اختراع النكتة أو الطرفة، فهو أقرب إلى الشخصية الجادة، وربما أن الشخصية المصرية منذ زمن بعيد كانت وما زالت حاضرة النكتة وجاهزة للتعليق على ما يحدث من شأن سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، بل إنّ روح السخرية هذه شكلت نمطاً واضحاً من المشاركة وتأسست أيضاً لتقدم الكاريكاتير في الصحافة والشعر الساخر والذي لا يزال في مصر الشقيقة يمثل نمطاً واضحاً لا تستغني عنه الصحافة والفن والإبداع.

ومن جهة أخرى لا تستطيع الدولة كبح جماحه لأنه وجد ضالّته في (الميديا الجديدة) التي منحته منصّة يتحكم بها دون رقابة إلا إذا أُوقِف الشخص أو سجن، ومثل ذلك (الواتس أب) الذي يمتلك أداة تفريغ الشحنات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتي ربما أن بعض الدول تتقبّلها بداعي معرفة الرأي الآخر وقياسه، هذا إذا توفّر للدولة – أي دولة – مراكز قياس الرأي العام.

نعود إلى المواطن السعودي الذي حاول أن يكون مبتسماً وسط هذه الجدية الصارمة التي رسمت المواطن السعودي بطابعها، وحين نبحث في تاريخنا الحديث عمن يحسن صناعة الفكاهة أو النكتة لوجدناهم عموماً يعدّون على الأصابع في كل منطقة من بلادنا الواسعة، حتى فنّ الكاريكاتير الذي يعبّر عن الوجه الآخر لما يحدث صُبغَ بالنفسية السعودية، فلم أجد أحداً في العالم يرسم كاريكاتيراً عن مشروع وطني فيه الخير والنماء، ولقد سألت أحد الفنانين في هذا المجال فقال: هذا هو المطلوب.. لكن المواطن السعودي الساخر أصبح موجوداً ويتنامى بفعل هذه المنصات الجديدة ولن يستطيع أحد إيقافها طالما أنها تعبر عن حال عامة تناقش الفساد والتطبيل والمبالغة الممجوجة في كل شأن.

هذه الأيام هناك رفض شعبي واضح للنفاق والفساد والتطبيل. وربما يأتي من يقول: لا بد من الحذر من هذه الظاهرة فقد يستغلها المغرضون والأعداء والمتربّصون، هذه وسيلةٌ لكبح جماح معرفة الصوت الآخر.. والموقف الآخر.. والرأي الآخر.لابدّ أن نبتسم فلن يكلّفنا ذلك شيئاً، الابتسام ليس عليه ضريبة مضافة.. وسلامتكم.

المصدر: الرياض