الاتحاد من الدولة الحديثة إلى التنافسية

آراء

لقد كان تأسيس دولة الاتحاد في الثاني من ديسمبر 1971، بداية التحولات المجتمعية التي نقلت المجتمع من مرحلة القبيلة إلى مرحلة الدولة الحديثة، دولة المؤسسات ذات الأطر والهياكل التشريعية والتنفيذية والقضائية، التي تهدف إلى تحقيق مصلحة الوطن والمواطن. وقد ترتب على قيام دولة الاتحاد اتساع دائرة الوطن.

لقد حدد دستور دولة الإمارات، مقومات الاتحاد وأهدافه الأساسية وطبيعة السلطات الاتحادية، والحقوق والواجبات المكفولة للمواطنين. كما حدد الدعامات الاجتماعية والاقتصادية الأساسية التي تؤسس مجتمع الدولة الحديثة. تلك المقومات التي تؤكد المساواة والعدالة الاجتماعية، وتوفير الأمن والطمأنينة، وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين..

وأن الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، ويكفل القانون كيانها، ويصونها ويحميها من الانحراف.. وأن التعليم عامل أساسي لتقدم المجتمع، وهو إلزامي في مرحلته الابتدائية ومجاني في كل مراحله. واحتل العمل أهمية قصوى في المجتمع، وأصبح ركناً أساسياً من أركان تقدمه.

وحسب نص الدستور: «يقدر المجتمع العمل كركن أساسي من أركان تقدمه، ويعمل على توفيره للمواطنين وتأهيلهم له، ويهيئ الظروف الملائمة لذلك بما يضعه من تشريعات تصون حقوق العمال ومصالح أرباب العمل، على ضوء التشريعات العمالية العالمية المتطورة».

ومن هذا المنطلق كان الأثر العميق لكلمة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بمناسبة اليوم الوطني الثامن والثلاثين لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أكد سموه فيها أهمية إطلاق الطاقات البشرية المواطنة، داعياً إلى تعميق مفهوم الأسرة، التي تشكل حجر أساس المجتمع.

تلك الرؤية الثاقبة التي رسمت النهج القويم الذي تسلكه دولتنا الحبيبة، في ظل قيادة رشيدة حققت نجاحات لا يمكن حصرها، نفتخر نحن أبناء الإمارات بها، لأنها تعمق ثقتنا في مسيرة هذا الوطن الغالي، وتعزز الانتماء إلى تراثه وقيمه وتقاليده، فما أنجز في مختلف المجالات خلال العقود الأربعة الماضية، وهي فترة قصيرة لا تقاس في عمر الدول والشعوب، ساهم بما لا يدع أي مجال للشك في نماء مجتمعنا وتحصينه بالأمن والأمان، وتوفير سبل العيش الكريم والرخاء لجميع المواطنين في أرجاء وطننا العزيز، من خلال التأكيد على الهوية والانتماء الوطني وتماسك المجتمع.

لذا كان إرساء مقومات الدولة الحديثة بداية انطلاقة نحو تحديث وتطوير المجتمع ذاته، فشرعت الدولة في تنفيذ خطة تنموية عملاقة، ركزت في مراحلها الأولى ـ عقد السبعينيات ـ على البنية الأساسية، من مشروعات الطرق والمواصلات والمطارات والمباني والمدارس والمستشفيات.

كذلك شرعت الدولة بعد ذلك في تنويع مصادر الدخل، والنهوض بالقطاع الصناعي والزراعي. وتوالت الإنجازات في مختلف مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وانعكس ذلك في ارتفاع مستوى المعيشة، والنهضة التعليمية والثقافية والصحية، وتغيير نمط الحياة.

وتحول مجتمعنا من «مجتمع تقليدي إلى مجتمع الرفاهية، وكان من ثمار ذلك نهضة حضارية وتنموية وضعت دولة الإمارات في مصاف الدول المتقدمة، بل تجاوزتها وتفوقت عليها بشهادات أممية عالمية، بفضل جهود قيادتها الرشيدة التي حققت تنمية بشرية مرتفعة! النجاح الكبير الذي تشهده دولة الإمارات العربية المتحدة في المجالات كافة، ما هو إلا ثمرة النهج الذي تسير عليه قيادتنا الرشيدة، على خطى المؤسسين والبانين لنهضتها وحضارتها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأخيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراهما..

ونحمد الله على ما تحظى به دولتنا من سمعة طيبة في أنحاء العالم، بفضل سياستها الحكيمة وقادتها المخلصين، فرعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، لشؤون الوطن وأبنائه، ساهمت بشكل جلي في نماء مجتمعنا وتحصينه بالأمن والأمان، وتوفير سبل العيش الكريم والرخاء لجميع المواطنين والمقيمين على أرضه.

دولة الإمارات العربية المتحدة تثبت للعالم باستمرارية إنجازاتها، التي تنافس كبرى دول العالم تقدماً وحضارة، إنها دولة القمة، حيث تتقدم بالمعايير العالمية وليس الإقليمية، وتسير في خط صاعد إلى الأمام دون توقف.. وهو ما أكده بوضوح تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس).

حيث أشار إلى أن الإمارات تقدمت سبع مراتب في التنافسية الكلية لاقتصادها خلال سنة واحدة لتحرز المركز 12 عالمياً، بعد أن كانت في المركز 19 العام الماضي.

كما استطاعت دولة الإمارات أن تتقدم الوطن العربي في عدة مجالات (كالعدالة الاجتماعية، الإنسانية والعطاء، الابتكار، السلام، التسامح، المعرفة، احترام المرأة) وغيرها، وهذا ما يؤكد ويدعم مسيرة الدولة بثبات، وفي الطريق الصحيح نحو تحقيق رؤية الإمارات 2021» وانتقالها من مرحلة القبيلة، إلى مرحلة التنافسية العالمية بجدارة واقتدار!

هكذا كان وسيظل الثاني من ديسمبر نقطة التحول الكبيرة في حياة الأسرة الإماراتية، وكل أبناء الدولة الذين ينعمون بثمرات الاتحاد.. هنيئاً لنا جميعاً، ولقيادة وحكومة دولتنا الحبيبة بما حققته مسيرة الاتحاد، وإلى الأمام دائماً نحو المزيد من الخير والتقدم والازدهار.. وكل عام أنتم بخير.. قيادة وشعباً وكل من يقيم معنا على أرض دولتنا الحبيبة المعطاءة الغالية.

المصدر: البيان