علي القاسمي
علي القاسمي
كاتب سعودي

الادخار/ أحمر .. الاقتراض/ أخضر

آراء

ينمو الحديث عن أن السعوديين أصحاب أدنى المعدلات خليجياً على صعيد الادخار وفقاً لنتائج ودراسات تعنى بشأن وشؤون الادخار، والواقع الذي نعيشه يفصح عن نسبة كبيرة جداً لديها هوس بالاقتراض واللجوء له كحل سريع حين تتجه النوايا الخاطفة لمسألة توفير مال، أعرف أن ثمة من سيتعاطى بحماسة وعاطفة ليقول نحن نقترض للحاجة البحتة لكني على يقين تام بأنه لا صحة بأن اقتراض الجميع للحاجة وحدها، ولكم أن تطالعوا لمن حولكم ولأنفسكم كذلك ونعترف بشجاعة بأن كثيراً من القروض نحتضنها للترف المعيشي وللمقارنات الاجتماعية الكاذبة والمغامرات التي لا تحسب جيدا وندخل في قائمة المقترضين المتعبين المنهكين المستنزفين شهريا.

البنوك لا توفر احدا وبالتالي فهي لا ترحم بل يسعدها ويشعرها بالبهجة والنجاح أن يصبح السعوديون مقترضين مئة في المئة، ولكننا في الجهة المقابلة لا نرحم أنفسنا مطلقا، ولو دققنا في الفئات المقترضة لما تجاهلنا أن فئة ليست قليلة تقترض لأجل شراء سيارة جديدة وأخرى للسياحة والسفر أو تغيير أثاث المنزل أو حتى للسيولة الوقتية ليس الا، ولا أنكر أن هناك من يقترض ليشتري منزلا أو أرضا أو راغبا في زواج أو للعلاج ولكني مقتنع بأن نسبة مثيرة باتت تقترض لتعجب الآخرين أو تتفوق عليهم شكليا أكثر من أن تعيش، ويبدو أن المرحلة المقبلة ستعيد مراجعتهم لحسابات كهذه.اذ كان هناك من يقول إن نسبة عالية تقترض لحاجة فكيف أهرب من صداع في الرأس ينتابني عندما اقارن بين هذا القول وسياراتنا الباذخة أو مناسباتنا المسرفة الممتلئة بالتباهي والاستعراض من جيوب البنوك وكذلك أسواقنا المغرية أمهات الخمس نجوم التي لا يتوقف فيها الشراء يوما واحدا، كيف استوعب حاجة نسبة عالية للقرض وفينا من يذهب الى ترف معيشي ويضيع بسهولة كما كان حاضرا بسهولة، قد تكون الخطط البنكية تعمل على «أن كل مواطن سعودي يجب أن يقترض، ومن أجل حياة طيبة للبنوك فمن كل راتب شهري لا بد وأن يكون قسط لبنك» لكن متى يحدث أن نخطط جيدا، ونفكر بطريقة أكثر أماناً ووعياً؟ واقعنا المعيشي لا يعكس احتياجا حرجا يقدم المواطن السعودي بهذا الاندفاع للاقتراض والتراخي في الادخار، ولا يعني ذلك أن بالإمكان عيش كل مواطن سعودي من دون قرض ليكن ذاك بالنسبة والتناسب، الاقتراض بات لعبة سهلة جدا لا ولم نعان تبعاتها إلا لاحقا وندخل حينها في حسابات مالية شخصية معقدة ومعاناة لن يكون الخروج منها بسهولة الدخول، ولو كانت نسبة المقترضين تمثل شريحة معتدلة من مجمل المواطنين السعوديين لأمكن التنازع حول أن الحاجة هي سيدة الموقف والعمود الفقري وراء كل مواطن مقترض، ولكن العقل يصر على أن القروض أسهل ما يتناول في اليدين وأكثر ما يبعثر ترتيبات الحياة تماما، في ظل أن لدينا خلطا كبيرا وتداخلا اجتماعيا ملحوظا وملموسا بين الحاجات والرغبات حتى دخلت طائفة منا – وبتأثير رغبات هامشية – في خانة المقترضين بلا حاجة، وبالتأكيد فلن يعجب مقال كهذا السادة/ البنوك، ولكن قد يعجب ويعيد آلية التفكير والتخطيط لدى السيد/ مواطن.

المصدر: الحياة