سعيد السريحي
سعيد السريحي
كاتب سعودي

الاغتيال على بوابة «العدالة»

آراء

علينا قبل كتابة السطر الأول في هذا المقال أن نؤكد على أن ما قام به الكاتب الأردني الذي تم اغتياله أول أمس ناهض حتر من نشر رسم يسيء إلى الذات الإلهية جريمة تستوجب محاكمته، والأخذ في الاعتبار بما حاول أن يعتذر به من أن ذلك الرسم المسيء إنما يعبر عن تصور الجماعات التكفيرية المتطرفة مسألة متروكة للقضاء سواء أخذ بما اعتذر به الكاتب أو رد اعتذاره إليه.

وإذا ما فرغنا من ذلك الاستنكار كان لنا أن نتوقف عند حادثة اغتياله والتي يمكن لنا أن نصنفها على أنها «جريمة داعشية» مكتملة الأركان بصرف النظر عما إذا كان من قام بها منتميا لداعش ومنفذا لمخططها أو أنه قام بجريمته بمبادرة منه، وبصرف النظر عما كانت الجهات المسؤولة في الأردن ستنظر إلى الحادثة باعتبارها حادثا أمنيا أو حادثا إرهابيا، ذلك أن «الداعشية» لم تعد تتوقف عند حدود الانتماء الحزبي لتنظيم محدد وإنما أصبحت ضربا من التفكير وآلية من التنفيذ يأخذ بها حتى أولئك الذين يشجبون داعش في العلن ويؤمنون بمبادئها في السر، ولعل من اغتال الكاتب الأردني ناهض واحد من هؤلاء إن صح ما تداولته بعض مواقع التواصل من شجبه لداعش في خطبه التي كان يلقيها حين كان يؤم الناس في الصلاة.

جوهر الفكر الداعشي أن يرى الإنسان في نفسه أنه هو القادر وحده على التفكير والحكم والفتوى ثم يرى في نفسه الجهة التنفيذية التي من حقها أن تنفذ ما رأته وما حكمت به، وعندها يصبح صاحب هذا الفكر الداعشي هو الخصم والحكم، كما يصبح هو القاضي والجلاد، وليس بوسع من يكون خصما له إلا أن يكون الضحية فحسب.

الفكر الداعشي في جوهره رفض لكل مؤسسات الدولة، ولذلك لم يكن بوسع ذلك الرجل الذي اغتال الكاتب الأردني الاعتراف بالقضاء الأردني كحكم في القضية فضلا عن القبول بما يمكن أن يصدر ضده من حكم، فقرر اغتياله على أبواب قصر العدالة، في جريمة لم يكن ذلك القاتل يوجه فيها رصاصاته للكاتب الأردني بل للعدالة في الأردن كذلك.

المصدر: سعيد السريحي