عائشة الجناحي
عائشة الجناحي
كاتبة إماراتية

التسامح قيمة إيجابية

آراء

ينتهي الطفل من تناول وجبة الغداء، فيتنبه الى أن لعبته مكسورة، فيبدأ بالصراخ على الخادمة، ثم يقول لها »أيتها الخادمة اذهبي إلى غرفة الطعام، وتناولي ما تبقى من وجبة الغداء، وسأطلب من أمي أن تخصم من راتبك، لأنك كسرتي لعبتي أيتها البلهاء«.

تُصدم وتتعجب الأم من هذا الأسلوب البشع وتقول له: »ما هذا الأسلوب المخزي يا بني، أولاً هذه الخادمة لديها اسم تناديها به، وثانياً كان عليك أن تطلب منها بأدب أخذ حصتها من الطعام قبل أن تأكل، وليس بقايا طعامك، وثالثاً جل من لا يسهو، فكلنا نخطئ ونتجاوز الحدود، فنحتاج المغفرة والعفو من الآخرين.

الذي يتبقى هو التسامح، فما أجمل التسامح وصفاء القلوب ونقاءها، فمن المحال أن تجني من الشوك عنباً؟!

يلعب الوالدان دوراً أساسياً في منح الطفل البذرة الأولى للأخلاق، وتنمية صفة التسامح مع الآخرين، ولكن الدور الأكبر ينصب على الأم كونها الأكثر قرباً منهم والمثل الأعلى الذي يقتدون به في سنواتهم الأولى.

التسامح صفة يكتسبها الطفل، منذ نعومة أظفاره، بتعويده على احترام الآخرين ومشاركتهم ما يملك من الألعاب والحلويات بكل رحابة وسعة صدر، بعيداً عن التقليل من شأن الغير أو السخرية من آرائهم وأفكارهم، مع الحذر من الأفكار الشاذة، التي تخالف قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، فلا بد أن يعي أنها خطوط حمراء لا يجدر بالآخرين المساس بها.

التسامح ليس فقط مبدأ يُتغنى به ويُدعى إليه، بل هو أقوال وأفعال تُمارس باحترام الطرف الآخر وتقبله وإعطائه الفرصة للتعبير عن رأيه، وتبرير أفعاله بعيداً عن الصراخ أو الخصام.

في خطاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، رعاه الله، ركز سموه على أهمية التسامح بقوله: »علمتنا السنوات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط »الجديد« أننا نحتاج إلى أن نتعلم التسامح ونعلمه ونمارسه، أن نرضعه لأطفالنا فكراً وقيماً وتعليماً وسلوكا، أن نضع له قوانين وسياسات ومنظومة كاملة من البرامج والمبادرات«، وأضاف سموه: »لا يمكن أن نسمح بالكراهية في دولتنا، ولا يمكن أن نقبل بأي شكل من أشكال التمييز بين أي شخص يقيم عليها أو يكون مواطناً فيها لذلك عيّنا وزيراً للتسامح«.

شهدت قمة رواد التواصل الاجتماعي في يومها الأول فعالية »مساء التسامح«، بحضور 100 شخصية من رواد التواصل الاجتماعي العرب، حيث تم التركيز على أهمية دور المؤثرين ورواد شبكات التواصل الاجتماعي في تعزيز قيم التسامح في العالم العربي،

فلنغرس قيم التسامح والتعبير الصادق في الأجيال القادمة، ولننشر القيم الإيجابية، التي ترسخ قيم التسامح في المنطقة العربية.

المصدر: البيان