يوسف القبلان
يوسف القبلان
كاتب سعودي

التغيير والآراء المتسرعة

آراء

ليس عيباً أن يغير الإنسان رأيه حين تتضح له الصورة وتتوفر المعلومات والحقائق. آراؤنا في كل شؤون الحياة وفي الأشخاص تتغير من السلب إلى الإيجاب أو العكس وهذا أمر طبيعي.

أما غير الطبيعي فهو أن يكون الرأي الأول رأياً متسرعاً أو متأثراً بآراء الآخرين أو هو رأي عاطفي لا علاقة له بالموضوعية والتقييم العلمي.

حين نقيم – على سبيل المثال – أداء المسؤول وقراراته يعتمد بعضنا على ما يتفق مع رغباته أو احتياجاته أو فكره وليس على الحقائق والمعلومات والحيثيات التي اعتمد عليها المسؤول في اتخاذ القرارات. ولهذا تواجه القرارات بالنقد ومقاومة التغيير، والخروج عن أدب النقد وأخلاقياته إلى مستوى الهجوم الشخصي والشك في النيات وتوجيه الاتهامات من كل نوع.

بعد مغادرة المسؤول لعمله لأي سبب، وبعد أن يتحقق كل أو بعض ما كان ينادي به المسؤول، عندها يحدث التحول وتتغير الآراء والمواقف وينقلب الرفض إلى إعجاب. هذا التحول هو الآخر تحول عاطفي.

هذا السلوك في تقييم الأشخاص يكاد يتحول إلى ظاهرة، الحل هو عدم التسرع في إطلاق الآراء والأحكام قبل توفر معلومات كافية عن الأهداف والحقائق والبيانات والحيثيات المتعلقة بأي تغيير أو قرارات جديدة، الحل هو التقييم العلمي والابتعاد عن التشكيك، الحل هو التركيز على تقييم الأداء والنتائج وليس تقييم الأشخاص. الحل هو عدم تصنيف الأشخاص وإصدار أحكام جاهزة قاطعة تصدر أحياناً قبل أن يبدأ المسؤول عمله.

التسرع يجعلنا نهاجم المسؤول في حياته ثم نعترف بعد وفاته بإنجازاته وتميزه ونسطر فيه كلمات الإشادة وقصائد المديح، وقد نبالغ في موقفنا الأول وموقنا الثاني، وعلينا أن نتذكر وجود حالات يستحق أصحابها أن يعاد لهم الاعتبار بسبب ما تعرضوا له من ظلم نتيجة التسرع أو الآراء العاطفية.

في مسيرتنا التنموية وتاريخنا الإداري أمثلة لا حصر لها عن التغيير ومقاومة التغيير في مجالات مختلفة، تجارب يجب أن نوثقها ونستفيد منها بطريقة إيجابية في معاهد التدريب والجامعات لتكون دروساً في الإدارة، والتقييم، والموضوعية، ومهارات الحوار، والتفكير الإيجابي، واتخاذ القرارات، والتفكير النقدي وأخلاقياته.

هذه التجارب توجد في كل المجتمعات وهي ليست للنسيان بل تمثل مرحلة في مسيرة أي مجتمع وتطوره، وعلينا الاستفادة منها في برامج التعليم والتدريب وفي فعاليات مركز الحوار الوطني.

المصدر: الرياض