«التوطين» الآن

آراء

القناعة الرائجة بأن القطاع الخاص يتردد في توظيف المواطنين، ربما كانت تصح قبل سنوات عدة، فالبرامج الاتحادية والمحلية صنعت أكثر من فرق في هذا المجال، ولا أدل على ذلك من أن الربع الأول من العام الحالي، شهد تعيين 5531 مواطناً في الشركات الخاصة، بنسبة زيادة بلغت 101%، عن الفترة نفسها من 2017.

وزارة الموارد البشرية والتوطين، تتبنى منذ سنوات استراتيجية تتوخى تسريع التوظيف المباشر للمواطنين في القطاعات غير الحكومية، وهي تمتلك سجلاً وطنياً متكاملاً، عبر بوابتها الإلكترونية، لتسجيل بيانات المواطنين الباحثين عن عمل، دون تحديد المؤهلات العلمية، وقد درست جيداً المتطلبات والفرص والشروط اللازمة للوظائف، ووضعت برامج تأهيلية للشباب المواطن للتمكن من الحضور بفاعلية وإنتاج في القطاع الخاص.

الوزارة، ومعها الهيئات والدوائر المحلية المعنية بالتوطين، راكمت جهوداً مثمرة في السنوات الماضية، وبددت كثيراً من القناعات والأفكار الخاطئة، ورفضت هذه الصورة النمطية، فالقطاع الخاص يبحث عن مواصفات معينة في الشخصية والمؤهل، لذلك فإن الارتفاع القياسي في إقبال المواطنين وتشغيلهم في الشركات غير الحكومية، مؤشر دقيق وقوي على ما تغير في السنوات الأخيرة.

الآن، يستطيع أي باحث إماراتي عن العمل خوض تجربة العمل في القطاع الخاص من بوابة الحكومة الاتحادية نفسها، فالوزارة، لا تكتفي بتوفير قاعدة بيانات، بل توفر للمواطنين برامج للإرشاد المهني، لا تقتصر على تدريبهم في إعداد السير الذاتية، وإجراء اختبارات للمقابلات الوظيفية، وإنما تتابع حركة الوظائف في الشركات والمؤسسات، وترصد مؤشرات التوطين في الدولة عموماً.

صحيح أن نسبة المواطنين في القطاع الخاص كانت متدنية، وكان هناك أكثر من سؤال عن معنى استمرار ذلك.

ولكن هذا القطاع نفسه لم يكن مقروءاً على نحو كافٍ، فهو يعمل بمنطق السوق والمنافسة، ومن الطبيعي أن يخضع التوظيف فيه للمنطق نفسه، وهذا لا يعني أن المواطنين كانوا أقل تنافسية، ولكن كثيراً منهم فضّل العمل في القطاع العام، لامتيازاته الوظيفية الكثيرة، فكان أن تراجعت نسبة التوطين خارج الوزارات والدوائر والهيئات الحكومية.

لم نكن مقصرين في تحفيز القطاعات كافة على مزيد من التوطين، فالدولة ألزمت القطاع الخاص بتوطين مديري الموارد البشرية منذ 2006، والاستثمار في التعليم والتدريب لا مثيل له في المنطقة.

ربما كان ينقصنا الاقتراب أكثر فأكثر من احتياجات القطاع الخاص، ومواجهتها بحلول علمية وواقعية، وهذا ما فعلناه، ومن يقرأ «ملف التوطين» في «الاتحاد» اليوم، سيجد أن بعض المقولات القديمة كانت غير دقيقة تماماً.

المصدر: الاتحاد