الثقافة هي قوة ناعمة

آراء

المفهوم الشمولي للثقافة يرتبط بمنح الحياة معنى وقيمة يؤثران في السلوك العام، وبالتالي هي أداة قوة وتأثير، وينقل عن الرئيس الصيني «هو جين تاو» قوله: بأن الصين تحتاج إلى المزيد من الاستثمار في القوة الناعمة، ونتيجة لذلك، بدأت الصين في إنشاء معاهد «كونفوشيوس» في جميع أنحاء العالم لتروج ثقافتها، وأخيراً بدأ البيت الأبيض الأميركي في تطوير ما يعرف بالقوة الذكية، وتعني التكامل الذكي لأدوات القوة الصلبة والناعمة.

القوة الناعمة تعني القدرة على التأثير في الآخرين للحصول على النتائج التي تريدها، ففي ظل النظام العالمي يستحيل أن تؤثر دولة وتأخذ مكانتها المستحقة باستخدام الطرق القديمة كالتهديد بالإكراه أو الإغراءات المادية، لذا كانت القوة الناعمة التي تجعل الآخرين يتبنون فكرتك ويؤمنون بقضيتك، وبالتالي يفعلون ما تريد، ونظراً لأهمية هذا الموضوع تصدر المنظمات العالمية ومراكز البحوث تقارير سنوية ترتب فيها دول العالم حسب قوتها الناعمة وفق معايير تأتي الثقافة في مقدمتها، ويصف معيار الثقافة قدرة الدولة على الوصول للعالمية وأثر إنتاجها الثقافي في الثقافة الإنسانية.

يربط «جيم هوغلاند» الكاتب الكبير في صحيفة «واشنطن بوست» بين القوة الناعمة والعولمة، ويرى إمكانية تحديد مصادرها عبر قياس الأثر الثقافي أولاً، ثم متانة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، حيث يمكن لاستطلاعات الرأي العام أن تحدد حجم التغيرات في جاذبية البلد الثقافية بمرور الوقت، ويرى الكاتب نفسه أن القوة الصلبة غالباً ما تكون زائفة، مستدلاً بالتجربة العسكرية البائسة للولايات المتحدة الأميركية في فيتنام.

فكرة القوة الناعمة تطورت مع الحرب الباردة، فلم يكن في الإمكان استخدام الغرب القوة الصلبة لردع الاتحاد السوفييتي، لذا استخدمت القوة الناعمة لتقويض الإيمان بالشيوعية عبر أدوات ثقافية مثل الأفلام السينمائية والأعمال الكتابية وثقافة المال والأعمال وحتى ثقافة الوجبات السريعة، كل تلك الأدوات حولت العقيدة الشيوعية إلى مجرد ذكرى تاريخية.

يُعد إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تشكيل «مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة» إضافة نوعية لتوجهات الدولة، ويحسب لهذا القرار استناده لأرضية صلبة من المنجزات المتحققة على أرض الدولة يمكن استثمارها، وحيث أن مصدر القوة الناعمة الإماراتية هو نموذجها التنموي الوطني القائم على مبادئ خدمة الإنسان، وقيم التسامح والفكر الإنساني المستنير سيكون من المؤكد أن سيستثمر هذا المجلس الكثير في تعزيز مكانة الثقافة الإماراتية.

المصدر: الإمارات اليوم