علي عبيد
علي عبيد
كاتب وإعلامي من دولة الإمارات العربية المتحدة

الثورة الحقيقية بدأت هنا

آراء

1330574

كلما ارتقت دولة الإمارات درجة في سُلّم تحقيق السعادة لشعبها، خرجت علينا منظمة من المنظمات بتقرير يشوه الصورة الجميلة التي يعرفها الجميع عن دولة الإمارات وقيادتها وشعبها، والمقيمين على أرضها من مختلف الجنسيات.

لذا لم يشذ تقرير منظمة العفو الدولية الأخير عن هذه القاعدة، فصدر متزامناً مع احتلال دولة الإمارات مركزاً متقدماً على مؤشر السعادة الصادر عن مؤسسة «موف هاب» لهذا العام، والذي نشرته مجلة «تايم» الأميركية الأسبوع الماضي.

التقرير الذي تضمن مغالطات كثيرة، جعلنا نشعر بأنه يتحدث عن بلد آخر غير دولة الإمارات التي نعيش فيها، فادّعى تعرض العشرات من الناشطين للمضايقة والاعتقال والتعذيب، وقال إنه يرفع الغطاء عن مناخ الخوف الذي اجتاح البلد منذ عام 2011، بعد الانتفاضات الشعبية العارمة التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط، حسب تعبيره. ولا ندري عن أي مناخ وأي خوف يتحدث التقرير؟!

، فقد كانت دولة الإمارات وما زالت أكثر الدول أماناً، وشعبها أكثر الشعوب التفافاً حول قيادته. ورغم بشاعة ما جاء في التقرير المتحامل على دولة الإمارات وقيادتها وشعبها، إلا أن الأبشع منه كان تعليق نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، حسيبة حاج صحراوي، التي ادعت أنه «تحت بريق واجهة الألق والروعة، ثمة جانب أكثر ظلمة تكشفت معالمه في الإمارات العربية المتحدة»!

تقرير مسيء وتعليق أكثر إساءة، وإذا كانت سلطات الدولة، ممثلة بإدارة حقوق الإنسان في وزارة الخارجية، قد ردت على تقرير المنظمة المنحاز، فقالت إنه تقرير من جانب واحد..

ويفتقر إلى الدقة، فإننا نرد على نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لنؤكد لها ولغيرها أن «الألق والروعة» اللذين ذكرتهما ليسا واجهة لدولة الإمارات، وإنما هما حقيقة ساطعة يعرفها البعيد قبل القريب، ويعترف بها العدو قبل الصديق.

ولكي تتأكد من ذلك، فإننا لن نحيلها إلى التقارير والإحصاءات التي تشير إلى تقدم دولة الإمارات في كل المجالات، ولا إلى مؤشرات السعادة التي تضعها في مراكز متقدمة دائماً، ولكننا سنحيلها إلى مقال الكاتب الأميركي «توماس فريدمان» الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في اليوم نفسه الذي صدر فيه تقرير منظمتها..

ودعا فيه إلى تعميم نموذج دبي، لما يشكله من إلهام للشباب في العالم العربي، إذ يستطيع أن يأتي إليها الشباب من مختلف أنحاء العالم لتحقيق طموحاتهم في مختلف المجالات، قائلاً إن دولة الإمارات تتربع للسنة الثالثة على التوالي على قمة الدول الأكثر شعبية للعيش بنسبة 39%، في الوقت الذي حصلت فيه الولايات المتحدة الأميركية على 21% فقط.

«هل فعلتها دبي وقادت الصحوة العربية؟»، هذا هو السؤال الذي طرحه فريدمان في مقاله، وأجاب عليه قائلاً: «دبي تحولت إلى مانهاتن العالم العربي، وأصبحت نموذجاً للتألق والرفاهية، وبالتالي فإن الشباب العربي الذي يتدفق إلى تلك الإمارة يجد فيها المثال الذي يسعى إليه في بلده الأصلي».

وأورد فريدمان شهادات لمسؤولين وأفراد قابلهم، أشادوا بتجربة دبي التي هي واجهة من واجهات دولة الإمارات المتطورة، فقال رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض إن دبي ألهمت العديد من الشباب، خاصة في مصر، وبالتالي فإنه من الممكن جداً أن يتردد هذا السؤال في العالم العربي:

«حتى إن لم نستطع أن نمتلك الديمقراطية، فلماذا لا نمتلك على الأقل دبي؟». بينما قال مازن نحوي، وهو فلسطيني أسس شركة في دبي تعمل في مجال مراقبة وسائل الإعلام: «دبي هي عاصمة الربيع العربي، فالثورة الحقيقية بدأت هنا».

وإذا كانت حسيبة حاج صحراوي تتجاهل الحقائق، فإن تقرير منظمتها يشوه الحقائق ويلوي عنقها، فيدعي أن حملة قمع استهدفت المعارضة بدأت بعد قيام مجموعة قوامها 133 شخصاً بتقديم عريضة إلى السلطات في مارس 2011، يدعون فيها إلى القيام بإصلاحات سياسية، ويطالبون بالحق في التصويت وانتخاب البرلمان، ..

ضي مدّعياً أنه منذ ذلك التاريخ بدأت ملاحقة الناشطين السلميين ومنتقدي الحكومة، متجاهلاً أن دولة الإمارات بدأت خطوات الانتخاب المتدرج منذ عام 2006، أي قبل خمس سنوات من العريضة المذكورة..

كما يتجاهل أن سلطات الدولة لم تلاحق الموقعين على العريضة، ولم تمسهم بسوء، وإنما لاحقت الذين تآمروا على الوطن، وهددوا كيانه وأمنه وسلامه الاجتماعي، وأنها لم تعرّض أياً منهم ولا من أفراد عائلاتهم للترويع والاعتقال التعسفي والحبس، كما يدّعي التقرير..

وإنما قدمت أعضاء التنظيم السري إلى محاكمات عادلة، غطتها وسائل الإعلام ونشرت تفاصيل ما دار فيها، فبرأ القضاء من ثبتت براءته، وأدان من ثبتت عليه تهمة التآمر على الوطن، بعد 13 جلسة عقدتها المحكمة على مدار ثلاثة أشهر، استمعت خلالها إلى مرافعة النيابة العامة، ودفاعات المتهمين ومطالبهم الشخصية، ومرافعة محامي الدفاع..

وشهود النفي والإثبات، واطلعت على الأدلة التي قدمتها النيابة العامة من أحراز صوتية ومرئية، وتسجيلات لاجتماعات التنظيم في مناطق مختلفة من الدولة، فأين هو التعسف؟ وأين الترويع الذي يتحدث عنه تقرير المنظمة الأعرج؟

نعم، الثورة الحقيقية بدأت هنا، لكنها ثورة البناء والعمل، لا ثورة الهدم والشعارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع. ولكن يبدو أن للنجاح ضريبة، وكلما اتسعت دائرة نجاح دولة الإمارات، ارتفعت الضريبة التي عليها أن تدفعها، وزاد عدد الحاقدين والحاسدين والمشككين، ورأينا المزيد من التقارير، وسمعنا المزيد من الأصوات التي لن تعيق المسيرة، مهما حاول مطلقوها أن يفعلوا ذلك.

المصدر: البيان
http://www.albayan.ae/opinions/articles/2014-11-24-1.2251260