الحب… والواجب

آراء

أن تحب شيئاً وتؤديه.. فذلك وازع داخلي جاء من القلب، القلب لا يكذب، ولا يخون ولا يتذمر من فعل شيء. عندما تحب شيئاً، فإنك تصبح ملتزماً به أمام قلبك، وقلبك حاضر معك، هو فيك، وحولك، ومنك، ولك، فلا تستطيع الابتعاد عنه، والاختباء خلف الحجب، كي تتهرب من فعل ما تعهدت بفعله. لو قلت لامرأة، أنا أحبك وكانت الكلمة نابعة من القلب، فلن تحيد يوماً عن هذا الشعور، لأن رقيبك قلبك، لأنك قلت هذا الكلام، أمام قلبك الذي يسكنك. عندما تحب فإنك تصغي إلى قلبك، وأنك تنثر عطر المشاعر من داخله، وأنك لم تشترِ زجاجة عطر من أفخر محلات بيع العطور لتغري من وعدتها بالحب، بل أنت نزفت العطر من قارورة قلبك الذي ينزف العطر من دمك، ودمك هو سر وجودك على الحياة، وعندما يندمج الدم بعاطفة القلب فإنه لا سبيل للنفاق، ولا مجال للإخفاق، بل إن كل ما يخرج من القلب يصل إلى القلب.

عندما يبرز الحب، تضيء السماء كل مصابيحها، وتفتح الأرض شرايينها، وتتدفق الجداول، ويلتقي نور السماء، وعذوبة الماء، يلتقيان ويندمجان، وينغمسان في الوجود، ويحققان الكينونة. عندما يبزغ الحب في القلب، يضيئك كما يضيء القمر العتمة، وعندما يتدفق الحب داخلك، فإنه يطوقك بجداول الانفتاح، يجعلك مثل النهر لك بداية، ولكن ليس لك نهاية، تكون أنت الكلي، تكون أنت الأبدي، وأنت في اللحظة الأبدية، تبدو مثل الطائر الأسطوري، لا أحد يعرف من أين جاء، وكيف نشأ، وأنت في الحب، فأنت في النهر، يغسلك ويغسلك، فلا تتلوث، ولا تتلون، ولا تتزين لأنك أنت هو أنت لا تحتاج إلى مراهم، أو مساحيق تجميل. أنت في الحب منغمس في الآخر حتى آخر دفقة، آخر نبضة.

ولكن ما الواجب، إنه المسؤولية والالتزام، إنه الأمر الذي جاء من الخارج، ولا علم للقلب به، لذلك نجد أن مسؤولية الواجب أثقل من الجبال، ومسؤولية الحب أخف من قطرة الندى، لماذا يتذمر الموظف، والطالب وخادمة المنزل، والزوجة والزوج، والأولاد؟ لأنهم مدفوعون من الخارج لأداء دور أو مهمة، الدور والمهمة قد لا يلتقيان مع رغبة الشخص، وقد يتعارضان تماماً، مع أحلامه وتطلعاته، وأمنياته. لذلك فإذا أردت أن تنجز مهمة وطلبت من الآخرين القيام بأدائها، فعليك بداية أن تعرف إن كان الأشخاص يحبون ما أنيط بهم أم لا. الفشل في أي عمل أو علاقة، رهن هذا الإكسير العجيب، إنه الحب، فإن أحببت عملاً، وإن أقمت علاقة فإنهما رهينا الحب في النجاح أو الفشل.

لا تعمل شيئاً لا تحبه، لأن مصيره الفشل، القلب وحده الذي يحدد، إن كان عليك عمل هذا الشيء أم لا، فاستره، وأصغ إليه ولا تعانده، ولو فعلت ما يغضبه فسوف يحبط كل ما تنوي فعله.

المصدر: الاتحاد