محمد الحمادي
محمد الحمادي
رئيس تحرير صحيفة الرؤية

الحكومة اللبنانية ضد لبنان!

آراء

لا يمكن تفسير موقف الحكومة اللبنانية، وبيانها الهزيل الذي صدر بعد الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء اللبناني الاثنين الماضي لمناقشة الموقف بعد قرار السعودية وقف المساعدات للجيش والقوى الأمنية ومواقف دول مجلس التعاون الخليجي المؤيدة لهذا القرار، إلا بأنه موقف ضد لبنان.

منذ سنوات يفتقد العرب لبنان ويبحثون عن هذا البلد الذي اختُطِف في غفلة من الزمن ولم يرجع، واليوم يشعر كل لبناني بأن بلده أصبح مرتهناً للخارج، وأنه كشعب أصبح يدفع ثمن سياسات ومواقف حكومته والطبقة السياسية التي تراخت كثيراً في الاهتمام بمصالح لبنان والشعب اللبناني، فالعرب لم يتخلوا عن لبنان، وحتى خلال التطاولات المستمرة لحسن نصر الله على المملكة العربية السعودية ودول الخليج، تغاضى الخليجيون عن تلك التجاوزات وترفعوا عنها، معتبرين أنها لا تمثل إلا شخص نصر الله المختبئ في جحره منذ سنوات، وبالتالي لم تكن دول الخليج لتُحمّل الشعب اللبناني بأكمله تصرفات شخص مستسلم لقوة خارجية.

أما اليوم، وقد أصبح لبنان فاقداً لقراره، وغير قادر على تحديد مصيره، بل ومتجهاً نحو أعداء العرب، وملتزماً الصمت تجاه عبث حزب الله في سوريا واليمن والبحرين والعراق، فلم يعد أمام العرب غير اتخاذ المواقف الواضحة، وقرار الإمارات بمنع مواطنيها من السفر إلى لبنان اعتباراً من أمس الثلاثاء، وكذلك قرار وزارة الخارجية تخفيض عدد أفراد بعثتها الدبلوماسية في بيروت إلى حدها الأدنى، يأتي حفاظاً على أمن وسلامة مواطنيها، وهي رسالة لمن يريد أن يعرف إلى أين تتجه الأمور.

تباطؤ الحكومة اللبنانية، وعدم جديتها في التعامل مع القرار السعودي الأخير أعطيا انطباعاً للجميع بأن الحكومة اللبنانية تعمل ضد لبنان، وضد مصالحه، فمن غير المعقول أن الحكومة اللبنانية لا تعرف أن هناك أكثر من نصف مليون لبناني في الخليج، وأن نصف هذا الرقم، أي ربع مليون لبناني يقيمون في المملكة العربية السعودية، ومن غير المعقول أن الحكومة اللبنانية لا تعرف أن قيمة التحويلات السنوية للمقيمين اللبنانيين في السعودية تبلغ 4 مليارات دولار أميركي، وأما التحويلات من كل دول الخليج فتبلغ حوالي 6 مليارات دولار، ومن غير المعقول أن الحكومة اللبنانية لا تعرف ماذا تعني هذه الأرقام ولا تعرف ماذا يعني سحب السعودية ودائعها المالية من البنك المركزي اللبناني!

الأرقام والعقل والمنطق والتاريخ والسياسة كلها تؤدي إلى نتيجة واحدة هي أن المملكة العربية السعودية، ودول الخليج، هي الحليف والصديق والشقيق للبنان، أما من يدعم فصيلاً واحداً ومليشيا تختطف البلاد والعباد، فلا بدّ أن يكون للحكومة اللبنانية موقف واضح منها.

المصدر: صحيفة الاتحاد