الحل في الرياض.. أيضاً

آراء

المهم الحفاظ على الكيان العربي الخليجي، بما هو مؤسسة للعمل المشترك، ومنصة للدفاع عن الأمن والاستقرار، في منطقة تتعرض للتهديد وتكاثر النفوذ والمصالح، وفوق ذلك الأطماع القومية، والأجندات المذهبية، سيما أن الاستقطابات واضحة، والإقليم لم يفق بعد من صدمة صناعة الإرهاب وتسويقه، فيما تغيرت أحوال، وتبدلت تحالفات بين قمتي الكويت 2017، والرياض 2018، ورغم ذلك، يلتقي قادة مجلس التعاون الخليجي، لأن لا بديل سوى ذلك لمواجهة التحديات، وما أكثرها الآن.

قمة الرياض نجحت في اتجاهات عدة، فهي حافظت على هذا الاستحقاق السنوي، فمجلس التعاون مؤسسة إقليمية للعمل المشترك، ولولا تأسيسه في العام 1981، لما جنت الدول والشعوب ثمار التعاون الاقتصادي، والدفاعي، وانسيابية انتقال الأفراد والاستثمارات، وسوى ذلك من الانعكاسات والمصالح المباشرة، في سوق واحدة، باتت تُنادد أسواقاً لها ثقلها في الشرق الأوسط.

نجحت القمة في تثبيت أركان البيت الخليجي، على الأسس التي ارتفع عليها بنيانه في العقود الماضية، ولا يضره أن ثمة مَن يحمل معولاً للهدم والتخريب، إلا كما يضر الغصن اليابس الشجرة الخضراء، ولا يثنيه عن عزمه دعاة الإرهاب ودعاته، هؤلاء ليسوا أكثر من هامشيين، يتوهمون أدواراً مركزية، وهم في الحقيقة تابعون ووكلاء لمحاور الهيمنة، التي تستهدف وحدة العرب ووجودهم على ضفاف الخليج العربي، وَمن لا يقرأ التاريخ جيداً، يفشل في فهم الحاضر، فيقع في أسوأ الأخطاء والخطايا.

ما يجب أن تفهمه قطر من مجرد التئام القمة، أنها اختارت عزلتها عن البيت الخليجي، حين فرطت في مكاسبها هي أولاً، بعد تحالفها مع غطرسة إيران، وظلام التشدد والإرهاب، وأنها لن تؤثر في مسيرة المجلس، عبر الاستعراضات الإعلامية، أو خفض تمثيلها الرسمي إلى أدنى حدوده في القمة، فهذا الأمر يشبه انسحاب الدوحة من «أوبك»، وهي لا تنتج أكثر من 600 ألف برميل يومياً، وتظن أن بمقدورها التأثير على أسعار النفط.

مجدداً، تفشل الدوحة في التقاط رسالة المنظومة الخليجية، وتواصل الادعاء بأنها تتعرض لـ«حصار»، وإلا فإن دعوة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمير قطر، لحضور قمة الرياض، كذّبت فرية الحصار أولاً، ووفّرت فرصة استثنائية للحل داخل البيت الخليجي، ثانياً، إِذْ لا حل خارجه، مهما باعت قطر نفسها الأوهام، ومهما ارتمت في حضن العدو، وأنفقت المليارات على الدعاية وإفساد المجتمعات العربية، بدعم الميليشيات المتوحشة، والجماعات المتطرفة.

قطر النظام، تحاصر قطر الشعب والجغرافية، أما الحدود إلى الجوار فمفتوحة، وكل ما على الدوحة أن تعود إلى مقررات قمة الرياض 2014، وتُوفي بتعهداتها، ثم تنتهج سلوكاً جديداً وجاداً، في إصلاح ما اقترفته خلال العامين الماضيين، تجاه الإمارات والسعودية واليمن ومصر، ودول أخرى، ويبقى الحل في الرياض في 2018، مثلما كان قبل أربع سنوات، وليس في الدوحة، ولا في طهران وأنقرة، وقطعاً ليس في تخاريف حسن البنا وسيد قطب..!

قمة 2020 تستضيفها الإمارات، بكامل إيمانها بالعمل العربي المشترك، ومبادئ الأخوة والتعاضد، ووفائها لإعلان أبوظبي 1981، الذي كان أساساً لأدبيات مجلس التعاون وخطابه السياسي..

المصدر: الاتحاد