الحوثـي يستدعي إيـران

آراء

لم يكن علي عبد الله صالح هو صاحب القرار في الصراع مع الحوثيين وفض الشراكة القائمة بينهما، الحوثيون هم الذين قرروا الاستغناء عن الحليف غير الموثوق فيه، فهم أصحاب أجندة تختلف عن أجندة صالح الذي أصبح عقبة تقف في وجوههم وتؤخر تنفيذهم للمخططات المرسومة في طهران.

كان للهزائم التي مني بها الحوثيون والمخلوع في الفترة الأخيرة دور في الانشقاق الذي نراه واضحاً هذه الأيام، فالضربات التي وجهها التحالف العربي كانت موجعة، وخسائرهم في الأراضي والأسلحة والأرواح كانت كبيرة، وصالح الذي كان سنداً أصبح عبئاً على الحوثيين، فهو لا يتردد في خوض المعارك الخاسرة ما دامت توفر له فرصة للانتقام من مدينة احتجت عليه أثناء حكمه، أو من قبيلة لم تقف معه خلال مرحلة السقوط، ولا يمانع أبداً في حرق الأخضر واليابس ليشفي غليله من اليمنيين.

بينما ذلك الحوثي يريد مكاسب على الأرض ليساوم عليها، وصنعاء أكبر مكسب يمكن أن يستخدم حتى اللحظة الأخيرة، فالحلقة بدأت تضيق حول أعناقهم، والمواجهة العسكرية مالت كفتها نحو الشرعية، وانقلابهم أصبح في مهب الريح، وابن الشيخ يضغط في كل اتجاه، والحديدة تكاد تنزع من أيديهم، وصواريخهم أصبحت عمياء تتخبط في الأجواء دون أن تصيب هدفاً، ولم يبق غير المسار السياسي.

ولم يرغبوا في الذهاب إلى هذا المسار ليطالبوا بنصيب يقسم على اثنين، هم وصالح، فقرروا سحب أنفسهم بعيداً عنه، ولم يكن أمامهم غير الإقصاء، فالذين يتبعون مدرسة الولي الفقيه يجيدون تصفية الأعوان والحلفاء بعد أن يحققوا أهدافهم الخفية من التحالفات، ودون إعلان بدأوا في إقصاء رجال علي صالح من مدنيين وعسكريين، وسيطروا على صنعاء والمناطق الخاضعة لهم حتى الآن، وعندما أراد أن يثبت أنه ما زال قوياً حاصروا منزله بعد أن أذلوه في ميدان السبعين.

الحوثيون مقبلون على مرحلة جديدة، وهي المرحلة الأخطر على اليمن والمنطقة، ولا نستبعد أن يكون صراعهم مع علي صالح مقدمة لاستدعاء الإيرانيين للتدخل عبر فتح ممرات آمنة لهم في الساحل الغربي، وليخلقوا واقعاً جديداً يحقق لهم الاستمرار في اختطاف اليمن وتمرير التسويات اللاحقة حسب شروطهم ومصالح سادتهم الإيرانيين.

المصدر: البيان