علي عبيد
علي عبيد
كاتب وإعلامي من دولة الإمارات العربية المتحدة

الخائنون لا مكان لهم بيننا

آراء

لم يصدمني كمُّ التهم التي وجهتها النيابة العامة إلى المتهمين في القضية المعروفة إعلامياً بقضية «حزب الأمة الإماراتي» فقط، وإنما صدمتني نوعية التهم الموجهة إليهم، وحجم الخيانة، التي يحملونها في أعماقهم، والمؤامرات التي كانوا وما زالوا يحيكونها لزعزعة أمن واستقرار دولة الإمارات، دونما سبب مفهوم، اللهم إلا سيطرة الفكر الإخواني على عقولهم، والأوهام التي تمتلئ بها هذه العقول الفارغة، والسعي إلى الانقلاب على السلطة، للوصول إلى سدة الحكم في الدولة، وهي أوهام لا تستند إلى منطق ولا واقع، ولا تتوفر لها الأرضية التي يمكن أن تمهد لها، ولا العوامل التي تساعد على تحقيقها، فشعب الإمارات المسلم متوحد، وملتف حول قيادته التي حققت له التقدم والرفاه، الذي يحلم به أي شعب، وقبل هذا كله الأمن والاستقرار اللذين تفتقدهما شعوب، وبلدان كثيرة في المنطقة وخارجها.

في التفاصيل التي تم الكشف عنها أثناء نظر دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا للقضية، أن ما يُدعى «حزب الأمة الإماراتي» يتلقى دعماً مالياً ضخماً من دول عدة، وقد أنشأ قسماً إعلامياً يتمثل نشاطه في تمويل قنوات فضائية، تروج لما أُطلق عليه «مؤتمر الأمة في الخليج» بإبراز رموزهم وقياداتهم على هذه القنوات، والترويج لها، وهي ست قنوات؛ خمس منها تبث من تركيا، وواحدة من بريطانيا.

كما وجهت النيابة العامة تُهماً كثيرة إلى المتهم الأول، منها التعاون مع تنظيم «أحزاب الأمة في الخليج»، وخصوصاً «حزب الأمة الإماراتي» الإرهابي، وحضور لقاءات أعضائه، والاطلاع على الخطط المستقبلية لعمل التنظيم، وتقديم المشورة لهم، وإلقاء محاضرات في مراكزه الخاصة، لبث فكر المعارضة السياسية للحكم في الدولة بطرق غير مشروعة، وإنشاء وإدارة موقع إلكتروني تحت اسم الحزب بقصد الترويج له، واستقطاب أعضاء جدد، والتواصل مع قيادته، ونشر معلومات وأفكار لإثارة الفتنة والكراهية، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي، واستهداف السياسات العامة للدولة، والمؤتمرات والمعارض الرسمية الدولية، التي تقام في الدولة، من خلال كتاباته لتأليب الرأي العام، وإثارة الفتنة بين المواطنين والحكومة.

أما المتهم الثاني الهارب خارج الوطن، فقد وجهت النيابة العامة إليه تهمة تطوير أعمال ما يُطلَق عليه «حزب الأمة الإماراتي» في تركيا، وتشكيل لواء عسكري باسم «لواء الأمة»، يتبع «مؤتمر الأمة» في سوريا بريف إدلب، لتدريب مقاتلين من سوريا وليبيا، وتأهيلهم عسكرياً وعقائدياً، بهدف تكوين قوة عسكرية تقاتل في سوريا مع التنظيمات الإرهابية، مثل داعش والنصرة، تكون نواة لقوة عسكرية لقتال حكومات دول الخليج مستقبلاً، والتخطيط للقيام بأعمال إرهابية داخل دول الخليج، خاصة دولة الإمارات، وإنشاء أكاديمية عسكرية!

مؤامرات وخطط لا يمكن أن يتصور العقل صدورها من إنسان يدعي أنه ينتمي إلى هذا الوطن، أو يكون قد ولد على أرضه، واستنشق هواءه، لذلك نقول، إن هؤلاء ليسوا إماراتيين، ولا يستحقون أن يحملوا اسم الإمارات، ولا جنسيتها، لأن الإماراتيين منذ أن خلقهم الله، وشرّفهم بالانتماء إلى هذا الوطن، أوفياء لوطنهم، محبون لبلدهم حتى النخاع. وقد أثبتوا على مدى التاريخ ولاءهم لقادتهم، وحكامهم، لأن هؤلاء القادة والحكام ليسوا غرباء عنهم، وإنما هم جزء من نسيج هذا الوطن، يعملون على تحقيق آمال الشعب وطموحاته.

ولنا في قصة قيام دولة الاتحاد دليل وبرهان على ذلك، فقد نبعت الفكرة من حكام الإمارات أنفسهم، وليس نتيجة ضغط داخلي أو خارجي من أي نوع، وكان في مقدمة أولئك الحكام المغفور لهما، بإذن الله تعالى؛ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراهما، حاكما أبوظبي، ودبي في ذلك الوقت، واتفق معهما حكام الإمارات الأخرى، طيب الله ثراهم، الذين رأوا في فكرة الاتحاد تحقيقاً لآمال شعوب إماراتهم، وقوة لهذا الوطن الذي أصبح متحداً بفضل إيمان أولئك الحكام بالوحدة، واقتناعهم بها.

هؤلاء ليسوا إماراتيين، لأن الإماراتي لا يخون وطنه، ولا يتآمر عليه، ولا يسعى لزعزعة أمنه واستقراره، وهؤلاء خانوا وطنهم، وسعوا إلى زعزعة أمنه واستقراره، واستعانوا على ذلك بالغرباء، وتعاونوا مع جماعات وتنظيمات إرهابية لغزو بلدهم، وخططوا لتنفيذ أعمال إرهابية داخل الوطن، وأسسوا حزباً لتحقيق أهدافهم هذه، فأي شيء يربطهم بالوطن بعد هذا كله، وأي أمة هذه التي أسسوا حزباً باسمها؟ لقد تبرأ أبناء الوطن منهم، ولم يعودوا أكثر من نبت شيطاني انقطعت جذوره، وأصبح هشيماً تذروه الرياح، وتتقاذفه الأيدي، التي تستغله لخدمة مصالحها، وأجنداتها الخبيثة.

إن دولة تنشئ وزارة للسعادة، وأخرى للتسامح، وتعمل ليل نهار، لتوفير كل أسباب الرفاهية لمواطنيها، وتفتح أبوابها لملايين البشر كي يفدوا إليها، وتتيح لهم فرص العمل والحياة في بيئة آمنة ومطمئنة، لا يمكن أن تلفق التهم لمواطنيها، أو أن تقدم أحداً منهم للمحاكمة، ما لم يكن خائناً للوطن، لا يستحق أن يحمل اسمه. كما أنها لا يمكن أن تفعل هذا بوافد إليها، ما لم يكن خارقاً لقوانينها، مهدداً لأمنها واستقرارها، متآمراً عليها.

الخائنون لا مكان لهم بيننا، فليبقوا في منافيهم، تلاحقهم لعنة الخيانة، يتمرغون فيها كما يتمرغ المجرم في وحل الجريمة، ينتظرهم العقاب، الذي يستحقونه، بعد أن لفظهم الوطن، ولم يعودوا سوى عملاء تستغلهم الجماعات الإرهابية أسوأ استغلال، وسوف تلفظهم يوماً ما البلدان التي فروا إليها، بعد أن تستنفد منهم أغراضها، وعندها سوف يعرفون فداحة ما عملوا، وتغدو خيبتهم أكبر.

المصدر: الإتحاد