سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

الخصم لا يجب أن يكون الحكم!

آراء

مذهل توجّه دوائر دبي نحو الخدمات الذكية، وهناك جهود مميزة تبذلها مختلف الدوائر لتسهيل الخدمات العامة وإنجاز المعاملات للجمهور والمستهلكين عبر الهاتف الذكي، لا يمكن تجاهل ذلك، ولا يمكن إنكار النقلة النوعية التي تحققت في فترة زمنية وجيزة منذ إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تحول التوجه العام من الحكومة الإلكترونية إلى الحكومة الذكية التي تقدم خدماتها في أي وقت ومن أي مكان طوال الأربع والعشرين ساعة.

وفي مقابل ذلك، هناك توجه آخر متميز، وهو قياس نسبة رضا المتعاملين سواء كانوا داخليين أو خارجيين، عن الخدمات التي تقدمها كل دائرة، وهذا القياس يتم أيضاً إلكترونياً وبشكل دقيق ومميز، وهذا بلا شك سلوك حضاري راقٍ وجميل.

وفي هذا الإطار بادر عدد من دوائر دبي إلى وضع مؤشر ذكي وفوري لقياس الرضا العام للمتعاملين والموظفين بشكل آني، بحيث يتيح هذا المؤشر قياس حالة الرضا من عدمه، وقياس حالة السعادة التي يمر بها المتعامل أو حتى الموظف، وفق وجوه مختلفة أحدها مبتسم وآخر حزين، ما كان له الأثر الكبير في تفاني الموظفين لخدمة المتعاملين حرصاً على بقاء المؤشر في حالة سعيدة، كما أن الدائرة تستطيع قياس رضا وسعادة موظفيها من خلال هذا المؤشر الفوري والدقيق.

ولكن ومن باب الحياد طمعاً في نتائج دقيقة وسليمة، كان من المفترض أن تظهر نتائج هذا المؤشر عند جهة محايدة بعيداً عن الإدارة العليا للدائرة، وذلك لإعطاء أريحية وصدقية أكثر لدى الموظفين لاختيار المؤشر الحقيقي الذي يشعرون به، بعيداً عن قلق ومخاوف تعرضهم لأي إجراء سلبي من قبل الإدارة، فيما لو كثرت الوجوه الحزينة التي يضغطون عليها، والتي قد ترى الإدارة أن كثرتها لها نتيجة سلبية على السمعة العامة لها، وعلى نتائج الرضا الوظيفي، وتالياً فإن وجود المؤشر لدى الإدارة العليا هو نوع من الضغط النفسي غير المباشر على الموظفين، وحتماً سيدفعهم ذلك إلى عدم الإفصاح عن مشاعرهم الحقيقية دائماً!

مكان المؤشر الطبيعي هو المجلس التنفيذي لحكومة دبي، فهو الجهة المخولة والمشرفة على جميع الدوائر، وهو الجهة التي تضع مؤشرات الأداء للدوائر، وهو الجهة الوحيدة القادرة على إرسال الملاحظات الفورية للدوائر بشكل مباشر دون الحاجة لذكر أسماء أو مصادر المعلومات، ولذلك كان الأجدر أن ترتبط الشاشات الإلكترونية المنتشرة في الدوائر المحلية التي يتم عن طريقها قياس الرضا والسعادة للموظفين والمراجعين بالمجلس التنفيذي مباشرة دون الحاجة لمرور هذه النتائج للإدارة العليا لكل دائرة، وعلى المجلس التنفيذي أن يحول هذه النتائج بعد تحليلها إلى المعنيين في كل دائرة لإجراء ما يلزم نحو التطوير وتلافي المشكلات القائمة التي قد تسبب انخفاضاً في نسبة الرضا والسعادة.

ببساطة لا يمكن للخصم أن يكون حكماً في آنٍ واحد، ولذلك لا يمكن أن تبحث الإدارة العليا في دائرة ما عن نسبة سعادة الموظفين لديها، في مؤشر يكتبه الموظف ويبعثه إلى الإدارة نفسها، لا يمكن في هذه الحالة الحصول على نتائج حقيقية، وذلك لانعدام شرط الحياد، لذا فالأفضل والأدق أن يتولى المجلس التنفيذي هذه المهمة.

المصدر: صحيفة الإمارات اليوم