محمد النغيمش
محمد النغيمش
كاتب متخصص في الإدارة

الدماغ المسترخي يحل مشاكلك

آراء

اكتشف العلماء أن الحلول لمشكلاتنا المستعصية قد تهبط علينا فجأة ونحن ننعم في أوقات الراحة وليس بالضرورة في ذروة انهماكنا بالتفكير بحلول ناجعة. ذلك أن الدماغ البشري فيه مناطق تسمى (Default Mode Network DMN) وهذه المناطق اكتشف العلماء أنها «تكون ساكنة» حينما يحاول الفرد البحث عن حل لمشكلة تواجهه، ولكن ما إن نمنح أنفسنا فترة من الراحة أو الاستجمام فإنها تتحرك فتحرك معها الفكرة أو الحل من حيث لا ندري.

وكم من فرد جاءته فكرة خلاقة وهو يستحم تحت رذاذ «الشاور» المريح أو وهو جالس يتأمل خلف مقود السيارة أو في أثناء ممارسته للرياضة أو النزهة. وهذا ما حدث مع مشاهير على مر التاريخ منهم والت ديزني صاحب أشهر مدينة ترفيهية بالعالم الذي جاءته فكرة الشخصية الكرتونية، ميكي ماوس، وهو جالس يتأمل في القطار، فرسم ملامحها بقلمه. وقرأت أن الأمير الملكي طلال بن عبد العزيز قد جاءته فكرة بناء الجامعة العربية المفتوحة وهو يقرأ تقريرا بصحيفة «الشرق الأوسط» عن أهمية التعليم الكمي والنوعي في الوطن العربي. وأذكر أنني سمعت شاعرا شهيرا يقول حينما «يأتيني إلهام الشعر أقف على قارعة الطريق فورا لأكتب أبياته». ولذا نجد أن في هواتفنا خدمة تسجيل الأفكار صوتيا لنستخدمها حينما نكون في موضع يصعب معه اقتناص الفكرة بكتابتها. كما قال ابن القيم: «العلم صيد والكتابة قيده».

وهذه الأفكار التي يبزغ نجمها في أذهاننا، تأتي في أثناء أحلام اليقظة، أو عند التخطيط المستقبلي، أو الحديث مع النفس، أو تأمل الذكريات. وهذا أحد التفاسير العلمية لشبكة DMN.

وشخصيا ينطبق علي ذلك، وعلى كثير من الكتاب، فما إن تستعصي علي فكرة أو محاور موضوع أكتبه حتى أدون ما تيسر لأعود إليه لاحقا، فأفاجأ أن العقل مثل ملفات الحاسوب Folder ما إن تفتحه أو تعنونه باسم معين حتى يبدأ العقل بتجميع الأفكار أو الحلول المماثلة ليودعها في الملف فيكبر رويدا رويدا وتكبر معه خيارات الفكرة.

ولذلك فإنه ينصح دائما بأن يختلي أعضاء مجالس الإدارات أو المديرين في منتجع أو سفينة أو رحلة برية ليضعوا رؤية ورسالة وأهداف المؤسسة بعيدا عن أجواء العمل المشحونة. فربما تتفتق أذهانهم عن أفكار وحلول أفضل وأجمل.

والدماغ البشري على عظمته لا نستخدم منه سوى جزء يسير. ومن يحسن استغلاله وليس إجهاده تكون فرصة وصوله إلى حلول خلاقة أفضل من غيره ممن يجلس ويندب حظه العاثر ثم يتمنى على الله الأماني.

المصدر: الشرق الأوسط