محمد خميس
محمد خميس
محمد خميس روائي صدر له من أمريكا رواية لفئة المراهقين بعنوان "مملكة سكابا" ، وله باللغة العربية مسرحية أدبية بعنوان "موعد مع الشمس"

الذئب وسر إختفاء الرداء الأحمر

آراء

يحكى ان كانت هناك عائلة صغيرة، تتكون من جدة، وإبنتها، وحفيدتها “ليلي ذات الرداء الأحمر”، تعيش في وئام وسعادة، الى ان قررت أم ليلى ان تسيطر على كل شيء، وتكوش على ثروة العائلة، فعزلت الجدة، واسكنتها في كوخ منعزل في أعماق الغابة، وأغلقت عليها الباب، وجعلت للباب قفل، به أرقام سرية، وأطلقت إشاعة مغرضة مفادها، ان الذئب الطيب الضعيف، هو وحش في حقيقته، ذو أنياب قاطعة، ومخالب حادة، ويحب أكل الفتيات الصغيرات.

كانت ليلى فتاة مطيعة، تنفذ كل ما يطلب منها، دون مناقشة، لذلك لم تناقش أمها، حينما كانت تأمرها بتوصيل سلة الطعام الى جدتها.

رغم انها كانت تستغرب التناقض من أمها، فهي ما فتأت تحذرها من الذئب الشرير، الذي يتربص بالفتيات الصغيرات، وفي ذات الوقت تتركها تأخذ الطعام لوحدها الى جدتها، برغم إحتمال مقابلة الذئب وجهاً لوجه.

كانت تعليمات الأم لليلى ذات الرداء الأحمر، بسيطة، طبعاً الوحيدة التى أأتمنتها الأم، على الأرقام السرية لفتح باب الكوخ، كانت ليلى ولقد وصتها أمها، وكررت عليها مراراً وتكراراً ان لا تفشي سر الأرقام لكائن من كان، التعليمات كانت كالأتي:

– تفتحين باب الكوخ بهدوء، وتضعين سلة الطعام عند الباب، دون ان تدخلي الى الداخل، ثم تعودين أدراجك بسرعة

– ممنوع منعاً باتاً ان تتحدثي مع جدتك

– اذا صادفتي الذئب فهربي بأقصى سرعتك ولا تتلفتين الى الوراء أبداً

لم تكن ليلى المسكينة تمتلك اية شيء، غير رداءها الأحمر، رغم ما تمتلكه عائلتها من ثراء، فلقد انفردت الأم بكل الثروة لوحدها.

ذات صباح استيقظت صديقتنا ليلي، لتجد نفسها “ليلي” فقط، دون رداءها الأحمر، فطفقت تبكي وهي تبحث عن ردائها، وخرجت كالمجنونة تهيم في الغابة باحثة عنه، وعندما بلغت منتصف الغابة، إذ بها وجهاً لوجه مع الذئب، ولأنها فتاة مطيعة، تذكرت نصائح والدتها، فأطلقت ساقيها للريح هاربة منه، ولكن المسكينة سقطت، فأقترب منها الذئب بتباطأ شديد، وقال لها

– مرحبا حبيبتي ليلي

استغربت ليلى من لهجته الودية، ونظرت إليه تتفحصه، فلم تجد الأنياب القاطعة، ولا المخالب الحادة، التى حكت عنها أمها، بل وجدت، بدل عن ذلك، وجه ودود، ينم عن الطيبة والحكمة.

ردت ليلى التحية على الذئب بتردد

– مرحبا عمي الذيب، بليس لا تاكلني

فضحك الذئب ملء شدقيه، وهو يشرح لها، بأنه نباتي ولا يأكل اللحم، بإختصار، سألها الذئب عن سبب تواجدها في الغابة في تلك الساعة المبكرة، فشرحت له، بأنها تبحث عن رداءها، لتتفاجأ بمعرفتة لمكانه، حيث انه لمحه مع أمها هذا الصباح، استغربت ليلى وعزمت على مطالبة أمها بإسترداده، لكن الذئب نصحها بأن لا تفعل ذلك، وقبل ان يتركها تذهب سألها، بأدب ورقة وحب، عمن يسكن ذلك الكوخ الوحداني في الغابة، فأخبرتها ليلى، بأمر جدتها، فاستعلم منها عن طريقة الدخول، وبسبب غضبها من أمها، أطلعته ليلى على الأرقام السرية، لكنها أكدت عليه ان لا يذهب، ثم شكرته، وعادت الى منزلها لتتحقق من صحة المعلومات التى أدلى بها، وما ان وقعت عيناها على أمها، حتى تحققت من صدقه، فزداد حنقها على أمها، أولاً لأنها خوفتها طيلة السنين الماضية من الذئب، الذي اتضح انه طيب جداً، ووقور، ونباتي، وثانياً والذي هو الأهم، انها استولت على ردائها الأحمر.

طلبت ليلى من أمها، إعادة ردائها، فرفضت الأم وبشدة، حيث انها أعجبها الرداء، وأرادته لنفسها، ظلت ليلي تطلب من أمها ردائها على مدى ثلاثة أيام وامها ترفض، الى ان طفح بها الكيل، وثارت على أمها واتصلت بالشرطة، وطلبت منهم ان يستردوه منها، وكل مستحقاتها من التركة أيضاً، فكان لها ما رغبت، ولكن ونظراً لصغر سنها طلبوا منها ان تختار واصي عليها، بمليء إرادتها، وكان الخيار الأصعب لديها ان تختار ما بين جدتها القوية، والذئب الصالح، وتذكرت كيف كان الذئب لطيفاً وطيباً معها، بل ونصحها ان لا تطالب بردائها من أمها، رغم انه كان يعلم بأن أمها هي من أطلقت الشائعات المغرضة عنه.

وقع إختيار ليلى على الذئب، ليكن واصياً عليها، فشكرها الذئب، وألقى خطاباً عاطفياً أمامها وأمام رجال الشرطة، مدعياً انه ارتجله، بكت على اثره ليلى، وجعلها ترتاح لحسن إختيارها، وحصل الذئب على تصفيق حار من رجال الشرطة الحاضرين.

طالبت ليلى من الذئب، ان يرد لها رداءها الأحمر، لتعود كما عهدها الجميع “ليلى ذات الرداء الأحمر”، فقام الذئب ورد عليها نصف الرداء وقال لها بأن النصف الأخر مع جدتها، وان عليها الذهاب اليها ومطالبتها بها.

توجهت ليلى على الفور الى جدتها لوحدها، وفتحت باب الكوخ واندفعت الى الداخل، فرأت جدتها نائمة على سريرها، فأشفقت عليها، ألقت السلام، فردت جدتها بسلام افضل من سلامها، ولكن بصوت أجش، غليظ، مما أجفلها ودفعها لسؤالها

– جدتي لما صوتك خشن؟

فردت عليها

– حتى تسمعينني بوضوح يا حبيبتي

ثم طلبت منها ان تقترب أكثر، فاقتربت ليلى، ولاحظت ان عينا جدتها أكبر من العادة، فسألتها

– ولماذا عيناك حجمهما كبير؟

فردت الجدة

– حتى أراك بوضوح يا حبيبتي

وحدث ذات الشي، مع أذناها الكبيرتان، ثم وعندما لاحظت ليلي بأن لجدتها أنياب، سألتها ببراءة الأطفال

– جدتي لماذا أسنانك كبيرة؟

وهنا قفز الذئب على ليلى وأكلها، وهو يقول

– حتى أستلذ بإلتهامك

فخسرت ليلى كل شيء، نفسها، وأمها، وجدتها، ورداءها الأحمر، لا ندري ماذا سيفعل الذئب بالرداء الأحمر، دون ليلى وأمها وجدتها.

أخر الأخبار تقول، ان الذئب طلب من الشرطة بفتح تحقيق عن مكان إختفاء الجميع، وخاصة الرداء الأحمر، الذي استولى عليه.

خاص لـ ( الهتلان بوست )