خلف الحربي
خلف الحربي
كاتب سعودي

الروس في دمشق والسوريون في أوروبا!

آراء

ما من شك أن مأساة اللاجئين السوريين وصلت إلى حد يهز الوجدان من أساسه، ولكن الحل الحقيقي لهذه المأساة يكمن في التخلص من بشار الأسد وأركان نظامه الدموي وحلفائه الذين كانوا السبب الأساسي في تدمير سوريا وإعادتها مائة سنة إلى الوراء، فليس من المعقول أن يبحث السوريون عن ملاجئ تؤويهم في مشارق الأرض ومغاربها في الوقت الذي يستبيح فيه أرض سوريا العسكريون الإيرانيون والروس ومقاتلو حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية الشيعية إضافة إلى المقاتلين الدواعش من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية.

ما هذا الجنون؟، كيف يفرغ بلد من أهله حفاظا على رجل واحد؟، وبأي منطق يترك الفلاح السوري أرضه لينصب فيها ضابط إيراني مدفعه؟، وكيف يترك التاجر دكانه ليحوله مقاتل لبناني إلى نقطة تفتيش؟، ولماذا يواجه أطفال سوريا الموت والضياع في شرق أوروبا بينما يتجه العسكريون الروس إلى دمشق لدعم الديكتاتور؟!.

المجتمع الدولي اليوم يخدع نفسه، يتسلى بالحلول الافتراضية للمأساة السورية، يضع الجداول لمؤتمرات لا تقدم ولا تؤخر، يضيع وقته في تأمل الأوضاع غير الإنسانية التي يواجهها اللاجئون السوريون، ويترك المجرم الحقيقي يقصف من تبقى من السوريين بالبراميل المتفجرة!.

هذه اللعبة الدولية المجنونة سوف تكون نتيجتها تشريد المزيد من السوريين في مختلف دول العالم في الوقت الذي يصبح في وطنهم وجهة للمقاتلين من مختلف جنسيات العالم!، هذه هي الصورة في سوريا اليوم: يخرج منها أهلها من مزارعين وأطباء وتجار ومعلمين ويدخل إليها الأجانب من مستشارين عسكريين ومرتزقة وإرهابيين وطائفيين، وهي صورة غرائبية سوف تكون نتائجها مدمرة – ليس لسوريا التي دمرت وانتهى أمرها – بل لجميع دول المنطقة والعالم بأسرة، فمثل هذه الأوضاع المقلوبة والخالية من أدنى مبادئ العدالة هي البيئة الخصبة لنشوء عشرات المنظمات الإرهابية التي قد تفوق داعش في وحشيتها.

من تحزنه حقا أوضاع اللاجئين السوريين فليعمل كل ما في وسعه على إنقاذ سوريا وشعبها من سفاح دمشق وإجبار مقاتلي حزب الله اللبناني الذين يحتلون أرضا عربية ويسفكون دماء شعبها على العودة إلى بلدهم وإلا فإن سوريا موعودة بالمزيد من الموت والعالم العربي موعود بالمزيد من الصراعات الطائفية الدامية والعالم موعود بعمليات إرهابية غير متوقعة.. وهذا هو أقل ثمن للعبة الهروب من الواقع.

المصدر: صحيفة عكاظ