العقل هو الحل!

آراء

التجربة العملية كفيلة بإسقاط الشعارات أو تأكيدها، دعونا نخوض التجربة كي نختبرها. أصحاب «الإسلام السياسي» يزعمون أنهم يملكون المفتاح السحري لحل مشكلات الأمة، ومنافسوهم بدلاً من أن يشرحوا لنا ما هي الأجندات التنموية والأولويات الإدارية في برامجهم، انشغل كثيرهم في التشكيك في قدرة الإسلاميين على القيادة. لكن المحك الحقيقي سيكون التجربة على الأرض، وتلك فرصة ذهبية للشعوب العربية كي تختبر قدرة الأطراف المتنافسة على السلطة، سينجح من ينظر للسلطة على أنها «إدارة» مشروعات تنموية وبناء دولة المؤسسات وفتح الأبواب لمؤسسات المجتمع المدني.

أما من يختزل السلطة في المفهوم العربي المعتاد فيجعل منها أداة امتلاك وتسلط فمصيره الفشل الذريع. لم تعد المرحلة تحتمل اللعب بالسياسة على حساب التنمية. فغالبية سكان العالم العربي من فئة الشباب. وهؤلاء لا تعنيهم ألاعيب السياسة قدر ما تعنيهم همومهم اليومية في التنمية الشاملة بما يرافقها من حريات وعدالة وشفافية. هموم الداخل ستكون اللاعب الأكبر في تشكيل وعي وقناعات الناس تجاه أنظمة الحكم القادمة في بلدانها. وقد خبر الشباب العربي كسر حواجز الخوف مع أنظمة القمع في بلدانها مما يعني أنه سيكون أقرب للمستحيل أن تعود الديكتاتوريات للبلدان التي خبرت الربيع!

كل الشعارات التي تزعم أنها تختصر حلول التنمية والحكم لن تنجح -بعد التجربة الأولى- في إقناع الناس بجديتها وصدقها. التجربة هي المحك. وهي التي ستؤكد أو تنفي ثقة الناس فيمن يتطلع لدور قيادي في بلدان تعاني من غياب أبسط أشكال التنمية من حريات وأمن وبنى تحتية. ولهذا دعوا أصحاب الشعارات الكبيرة يخوضون التجربة. فإن نجحوا -مثلما نجحوا في تركيا- فخير وبركة. وإن فشلوا فقد ارتاحوا وأراحونا معهم من العيش أسرى لوهم شعاراتهم التي تختزل كل الحلول في سطر واحد. وهم يعلمون أن المسألة أشد تعقيداً من اختزالها في شعار من مثل «الإسلام هو الحل». وقد بدأت الناس تسأل: أي إسلام تقصدون؟

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق السعودية بتاريخ (١٨-٠٦-٢٠١٢)