«القراءة مستشفى العقول»

آراء

هذا التعبير في العنوان ليس لي، ولا هو اقتباس عن كاتب أو مفكر. إنه للطفلة المغربية مريم لحسن أمجون التي فازت أمس بالمركز الأول في «تحدي القراءة العربي»، المشروع الثقافي الأكبر بين المحيط والخليج، وهو من ابتكار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وصار حدثاً سنوياً بارزاً ومشهوداً، يتطلع إليه العرب، وقد «برز في هذه المنطقة قادة، يرمّمون الأمل، ويستأنفون الحضارة».

المشهد كان مبهجاً في «أوبرا» دبي أمس. الأجيال الجديدة من العرب تخوض التحدي بحماسة وتفاؤل. 10.5 مليون مشارك في الدورة الثالثة. أكثر من مليوني كتاب وزعتها المبادرة على طلبة من 44 بلداً، بينهم 14 دولة عربية، فأبناء المهاجرين والمغتربين في 30 دولة أجنبية، لا يزالون يحافظون على لغة الضاد قراءةً ووجداناً وهوية.

الطفلة المغربية مريم اعتلت المسرح، وتحدثت بلغة فصيحة وسلسة عن القراءة، بما هي «لذة للعقل، وطوق نجاة للأمم من الجهل والفقر والمرض»، أو ما يشبه «مستشفى العقول» الذي تتعافى فيه الأذهان والمدارك من مختلف العلل. مريم قطعت طريقاً طويلة، حتى تصل إلى الإمارات، فهي فازت بتحدي القراءة في المغرب بين 300 ألف مشارك، لتنال أمس المركز الأول عربياً.

مريم ترمز إلى الأجيال العربية الجديدة التي استهدفها مشروع الإمارات الريادي في اقتناص اللحظة التاريخية المناسبة، لإنقاذ الشباب من الإحباط واليأس، وإحياء الأمل، بالقراءة التي تفتح العقول على السؤال والنقد والتحليل، وبتوحد المشاعر العربية حول المعرفة، سبيلنا الوحيد لأي مكانة لائقة بين الأمم. انهمرت دموع الطفلة المغربية، قبل الفوز وبعده. صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، احتضن ابنته مريم لحسن أمجون، ومسح دموعها بـ«غترته» في لحظة عاطفية وإنسانية نادرة، لخّصت كثيراً من أي كلام يُقال عن معنى سعادة الأطفال والطلبة بأنهم في عين التنافس الحقيقي، لأجل المعارف والعلوم، والنهوض بالعالم العربي مجدداً.

ولعل الحدث الأهم في هذه النسخة من تحدي القراءة، إعلان تحويلها إلى منتج إعلامي، يصل كل بيت عربي من خلال قنوات أبوظبي للإعلام التلفزيونية التي كانت ولا تزال تعمل على نشر المحتوى المعرفي العميق للأسرة العربية، حيث تحمل «أبوظبي للإعلام» على عاتقها مسؤولية رفع مستوى المعرفة والثقافة الجادة لدى المشاهد العربي.

مريم والفائزون والمشاركون والمتابعون شهدوا أمس نقطة تحول فعلية تجاه ما يريده العرب. لقد كنا فقط في انتظار مثل هذا التحدي، لاختبار قوتنا وقدرتنا، ونحن جميعاً نعول اليوم على أكثر من 10 ملايين قارئ عربي على مقاعد الدرس، ونعقد أكبر الآمال على ملايين أخرى من الشباب العربي، لنستعيد صفحتنا الزاهية في كتاب الحضارة الإنسانية.. وإنّا لقادرون.

المصدر: الاتحاد