القلب يعشق كل جميل

آراء

بعضهم لا يحب الجمال، بل لديه مناعة قوية بحجم الجبال، ضد الجمال، لأنه بلا قلب ولا روح ولا حياة. هؤلاء الأشخاص أموات لم يسكنوا القبور. بل إن قبرهم الأوسع هي الأرض. هؤلاء الأشخاص قد يديرون مؤسسات، أو دولاً، مصير الملايين متعلق بإرادتهم، وإرادتهم أصبحت في الحضيض، لأنهم ارتضوا أن يكونوا قيحاً في جسد الوجود. عندما تجد قائداً مثل حاكم قطر، يصر على أن يكون دملاً في خاصرة أشقائه، وأن يعمل على تلقيح هذا الجسد، بالبؤس والشقاء، والتعاسة والفوضى والقلق وعدم الاستقرار، فلا تستغرب أبداً. هذا الشخص يشعر أن لا وجود له في هذا العالم، إلا بإشاعة الضجر في أوساط الآخرين، بل ويتلذذ عندما يرى الآخر سئم من تصرفاته، لأن هذا الإحساس يعطيه الضخامة والفخامة وكبر الحجم. هذا الشخص لا يشعر بحجمه إلا عندما تكون هناك مشكلة عند الآخرين بسببه. هذا الشخص يرى في القبح، جمالاً، وجلالاً، وكمالاً، لشخصيته الناقصة، ويرى النشاط والحماس لطاقته المحبوسة في كنف مركبات عقد النقص. إنه الكائن المسجون في كهف الدونية، المقبوض عليه من جهة العقل المأزوم بالضجيج والعجيج وتصفيق المغرضين، والمتربصين، والمتلصصين، والمتسللين، والمتسولين، والمتوسلين.

هذا الشخص وقع في فخ البارانويا، الذي أطاح بقيمه ومبادئه وجعله أداة طيعة للعدوان على الأقربين قبل الأبعدين. هذا الشخص ضحية نفسه، وفريسة طموحاته المريضة، والمبتلاة بالفوقية التي لا يبررها غير فقدان الإحساس بقيمة الجمال في العالم. واختلاط القبيح بالجميل يقود الإنسان إلى المناطق الرمادية، وهي التي تطوق عقل الإنسان، وتقيده وتجعله عبداً للأهواء والأرزاء والأدواء ووباء العدوانية. هذا الشخص نام في أحضان السراب، بعد أن بدا له أنه الماء الزلال، فصار يلعق من الفجاجة، واللجاجة، والسماجة، والرجاجة، هذا الشخص لن يرتدع ولن يمتنع ولن يستمع إلى صوت العقل، مادام يغط في حفرة التزمت، ومن حوله تموء قطط الشوارع الموحشة وتنعق الضفادع، والمسعورون يتابعون النباح والنواح ونكء الجراح. هذا الشخص لن يتوقف عن إراقة الدماء في مناطق الأشقاء، لأنه لا يستطيع أن يعيش إلا وتطن في أذنيه أصوات الضحايا والأبرياء من أبناء الأمة. هذا الشخص أصبح مدمناً على سفك الدماء وإثارة الفحشاء وملء الحياة بالظلم والظلماء.

المصدر: الاتحاد