المشهد الرهيب

آراء

في وجه العاصفة الهوجاء، وتحت زخات المطر المهيبة، كان شباب الوطن، مشمرين مؤزرين بالشجاعة والصدق والوفاء. يعاونون إخوتهم من رجال الشرطة الأجلاء، في إزالة الأشجار الساقطة في صدور الطرق، وينظمون حركة السير، وبلباسهم الأبيض المبتل من رحيق السماء، ترى فيهم صورة الملائكة، ترى فيهم النبل وشهامة النجباء، يتحركون تحت زخات المطر، كفراشات تعبق المكان بالمنظر الخلاب، هؤلاء هم أبناء زايد في الملمات رجال، وفي الخطوب أنصال، وفي لحظات الجد تجدهم ليوثاً صارمات حازمات حاسمات لا ترضى لضيم ولا تخنع لغيم.

شباب أثبتوا أنهم رجال المواقف الصعبة، واللحظات التاريخية الحرجة، فلم نجد في بلد من بلدان العالم مثل هذه المشاهد المشرفة، لم نجد سواهم، فهم الذين اليوم يعلمون العالم دروساً في الانتماء والإخاء والوفاء، هم الذين يضربون الأمثال في ساحات الوغى، كما في ساعات الظروف الصعبة.

لم يقصر رجال الشرطة في تأدية الواجب، بل كانوا حاضرين بكل حزم وجزم، وفي قلب الحدث، ولكن ما قدمه شبابنا لهو النموذج، والدرس كانوا في مستوى الحدث كانوا عند حسن الظن فيهم في تحمل المسؤولية والالتزام الأخلاقي الذي تربوا عليه، والذي رسمته لهم القيادة الرشيدة، هؤلاء الشباب أسعدوا من شاهدهم ورفعوا الرؤوس عالية لآبائهم وأمهاتهم وذويهم.

هؤلاء الذين تفانوا ولم يبالوا بالأخطار التي قد تحدق بهم، وهم يتعرضون لقصف الرعد والبرق، ويغسلون أجسادهم الطاهرة، تحت وطأة الأمطار الغزيرة يحق لنا أن نجلهم ونعليهم، ونقدرهم ونشكر لهم هذا الدرس الثمين، الذي قدموه لنا ولغيرنا ويحق لنا أن نقول إن أبناء الإمارات «غير» ليس لأننا أبناء الإمارات، وإنما لأن مثل هذه المشاهد لم يسبق لنا أن قرأنا أو سمعنا عنها في بلدان غير الإمارات.

لذلك عندما نشعر بالفخر، ونحس أننا فعلاً ننتمي إلى بلد أنجب ما هو أعظم وأشم من النفط، أنجب هذه الروح القتالية في حب الوطن، أنجب هذه القلوب المحبة العاشقة لبلد اسمه الإمارات، أنجب بشراً بأجنحة الطير يظللون الأرض برفرفة الولاء، وهفهفة الانتماء، أنجب رجالاً سواعدهم أشرعة تسافر بالوطن نحو مجد السعادة، ووجد التكاتف، وهؤلاء هم الذين وضعوا الإمارات وساماً على جبين الإنسانية وتاجاً يحلو لنا أن نسميه تاج الإمارات على قمة الجبال الشاهقة وعند السوامق الباسقة، هؤلاء رجالنا شبابنا فلذات أكبادنا أحبابنا آمالنا العريضة وأمنياتنا الكبار، هؤلاء الذين يرسم الوطن على جباههم خطة رقيه وحضارته المبتغاة، وإنجازاته المتمناة.

هؤلاء عشاق الوطن بهم تكتمل القصيدة وبأنفاسهم الحلوة تورق أغصان الشجر، وتغرد عصافير الوطن، قائلة لبيك يا وطن السعادة.. لبيك يا وطن التسامح.

ولك الخلد يا أرض الوفاء والرجال الأجلاء.

المصدر: صحيفة الإتحاد