سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

المعلومة أصدق من الانطباعات العامة!

آراء

هناك فرق شاسع بين الانطباعات العامة، والمعلومة المبنية على حقائق وأرقام، وعلى الرغم من أن المعلومة هي أصدق دون شك، إلا أن الانطباعات مع ترديدها باستمرار تستطيع في كثير من الأحيان تشكيل قناعات عامة تصل صدقيتها إلى حد المعلومة المؤكدة عند كثيرين، لكنها بكل تأكيد ليست حقيقية، ولن تكون كذلك!

هذا ما يحدث حالياً في الحُكم على وسائل الإعلام، فهناك انطباع عام أنها لم تعد مؤثرة في الرأي العام، وأنها تتراجع مقابل قوة وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أنه لا توجد مقارنة حقيقية بين الاثنتين، إلا أن هذه المقارنة تكون في الغالب ظالمة لوسائل الإعلام، فتراجعها العالمي الحالي له أسبابه المعروفة، في حين أن طوق النجاة، إن وجد لهذه الوسائل، سيكون من دون شك في التطوير والتجديد والاستفادة القصوى من التطور التقني والتكنولوجي، والدخول بقوة في كافة وسائل التواصل الاجتماعي لكن بثوبها المهني التقليدي المتعارف عليه، وهو ما يكسبها صدقيتها وثقة القارئ بها.

وهذا ما تؤكده الحقيقة التي كشف عنها تقرير «إيدلمان» السنوي، الخاص بالثقة بالحكومات والمؤسسات ووسائل الإعلام، وغيرها من مكونات المجتمع المدني المعاصر، الذي جاء متماشياً في حالة دولة الإمارات مع ما يتكرر ذكره يومياً في وسائل إعلام عالمية، حول ريادة وتميز الإمارات في عدد من المجالات، في ظل حرص قيادتها الرشيدة على بلوغ أقصى مدى في رفع مكانتها عالمياً.

التقرير، الذي صدر أخيراً، كشف عن ازدياد ثقة الجمهور بوسائل الإعلام في الإمارات، حيث ارتقى تصنيف الدولة على مؤشر هذا المقياس أربع نقاط مقارنة بعام 2018، لتصل إلى ستين نقطة.

والأجمل أنه يثبت بالحقيقة والأرقام أن الإمارات احتلت المرتبة الرابعة في مقياس ثقة الجمهور بوسائل الإعلام، بعد الصين التي جاءت الأولى عالمياً ثم إندونيسيا والهند.

اللافت في المقياس، الذي يعكس أهمية الإنجاز الإماراتي، هو تراجع ثقة الجمهور في وسائل الإعلام في 16 دولة شملتها الدراسة، وبلغ التراجع في بعضها تسع نقاط (روسيا)، وست نقاط (الولايات المتحدة)، وشملت قائمة المتراجعين دولاً عريقة إعلامياً، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان!

وكان لافتاً أيضاً في التقرير تصدر وسائل الإعلام التقليدية قائمة وسائل الإعلام، من حيث كسب ثقة الجمهور بالأنباء التي تبثها، وفي كونها مصدر معلومات مهماً، على الرغم مما يتردد عن انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، ودورها في نشر الخبر واتساع نطاق توزيعه. وقد بلغ نصيب وسائل الإعلام التقليدية 65% من الأصوات، مقارنة بـ43% لوسائل التواصل الاجتماعي، أما الثقة في محركات البحث، فقد حلت في الأول مكرراً بحصولها على 65% أيضاً، وجاءت المواقع الإخبارية الشبكية في المرتبة الثالثة بحصولها على 55%.

وسجلت وسائل الإعلام التقليدية أداء ثابتاً على مقياس الثقة بين عامي 2012 و2019؛ بحيث لم تهبط دون 63%، ولم ترتفع فوق 65% خلال سبع سنوات. بينما ارتفع تصنيف محركات البحث من 62% إلى 65%، وسجل أدنى معدلات الثقة عام 2013 عند 58%. لكن مسيرة الثقة بوسائل التواصل الاجتماعي شهدت مطبات خلال السنوات السبع، صعوداً إلى 45% عام 2016، وهبوطاً إلى 40% عام 2017.

الأجمل من ذلك هو تصنيف الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً على مقياس انتشار خدمات الإنترنت وعدد المشتركين؛ حيث حصلت على 98%، تلتها ألمانيا بنسبة 96%، ويعكس هذا الإنجاز المشرّف الاهتمام الفريد الذي توليه الإمارات قيادة وشعباً لعملية تعقب أحدث معايير تقنيات العصر، واستيعاب أهميتها في تنفيذ استراتيجيات التطوير، بعد أن صارت الإنترنت عصب الحياة المعاصرة. والمُذهل هنا أن تتفوق الإمارات على كل دول العالم، بما فيها تلك التي انطلقت التقنية وشبكات الإنترنت منها!

المصدر: الإمارات اليوم