هالة بدري
هالة بدري
مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي

#النوع_الثاني

آراء

قبل أسابيع قليلة، راسلتني مواطنة لا أعرفها معرفة شخصية على الخاص في إحدى تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي، راجيةً مني “كامرأة ناجحة في حياتها المهنية والأسرية” أن أغرّد بكلمة تغيّر نظرة المجتمع للأم التي تركت العمل لظروفها الشخصية لفترة قصيرة من الزمن، فلم يحالفها الحظ في الحصول على وظيفةٍ أخرى.

طلبتُ من (ف.ح.) أن تُرسل لي سيرتها الذاتية حتى أتمكن من تمريرها لبعض المسؤولين في دائرتي، علّ وعسى أن يحالفها الحظ وتجد الوظيفة الملائمة.

ففوجئتُ بها تقول “الحمدلله الدنيا بخير دام فيها ناس مثلج”.

توقفتُ عند هذه الجملة وتساءلت مراراً… ألن يفعل غيري ما فعلته أو أكثر!؟

هل فعلاً امتنع معظم الناس عن تقديم العون المهني لأفراد مجتمعاتنا كي يتفرّد البعض في العظمة الوظيفية؟

أم كثر المسؤولون الذين يُبدون أجنداتهم الخاصة على المصالح العامة؟

أم نسينا قوله سبحانه وتعالى:

{وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ}؟

وجاءني الردّ من سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد متمثلاً في تغريدته:

“#علمتني_الحياة أن المسؤولين نوعان:

النوع الأول هم مفاتيح الخير.. يحبون خدمة الناس.. سعادتهم في تسهيل حياة البشر.. وقيمتهم فيما يعطونه ويقدمونه.. وإنجازهم الحقيقي في تغيير الحياة للأفضل.. يفتحون الأبواب، ويقدمون الحلول.. ويسعون دائما لمنفعة الناس..

والنوع الثاني.. مغاليق للخير.. يصعّبون اليسير.. ويقلّلون الكثير.. ويقترحون من الإجراءات ما يجعل حياة البشر أكثر مشقة.. سعادتهم في احتياج الناس لهم ووقوفهم بأبوابهم وعلى مكاتبهم.. لا تنجح الدول والحكومات إلا إذا زاد النوع الأول على الثاني.”

كثيرون يشتكون تفشي ظاهرة “التفرّد في العظمة” في مؤسساتهم، أولئك الذين “يصعبّون اليسير” حتى يبينوا للناس أن الحياة معقّدة لا يمكن تجاوزها من غيرهم، وأولئك الذين لا يتحدثون إلا مع من يتساوون معهم في المسمى الوظيفي، “مغاليقٌ للخير” يخطئون ويتعدّون على حقوق الأفراد والمؤسسات لتحقيق مصالحهم الذاتية،

ويتناسون أن نفوذهم مؤقت، وكرسيُّهم لابدّ من استبداله، وكما تُدينُ تُدان.

إن من نذكرهم بالخير عادةً من المسؤولين هم ممن أحسنوا إلينا من مدرسين ومدراء وموجّهين… تركوا أثراً في حياتنا، “مفاتيحٌ للخير” فتحوا أبواباً ومنحوا فرصاً، ولم تمنعهم مسمياتهم الوظيفية من خدمة موظفيهم وتسهيل حياة الآخرين.

وهم الذين نتبادل معهم الاحترام والثقافة والفكر، مهما علت مناصبهم، يستثمرون فينا الوقت والجهد والمال، لا يهابون المنافسة ولا الموظف المثالي والأفضل منهم، لأنهم وضعوا مصلحة العامة على قائمة أولوياتهم.

كثيرون مثل (ف.ح.) قد يطرقون بابك، لا يطلبون الكثير، سوى قليلاً مما فضّلك به الله على الآخرين…

فأي نوع من المسؤولين ستكون حينها؟