علي القاسمي
علي القاسمي
كاتب سعودي

برج العقرب.. في المنعطف الأخير!

آراء

ظلت الرواتب والصراع المصاحب لها على صعيد موعد القدوم أشهر مشاريع الشعب الأخيرة الساخرة، نال هذا الصراع ما يكفي من التفكيك واعادة الترتيب واستذكار ما كان مرمياً على الطاولات المجاورة كمعرفة الأشهر الميلادية والغوص في ارقامها المتباينة والقريبة البعيدة، ثم الدخول في معمعة الابراج والانهاك الذي استنزف المجتهدين في هذا الاطار بالتحديد، ما يضحك هو الصمت الرسمي تجاه هذا الصراع وتأجيل الشرح بحجة أن اهل مكة ادرى بشعابها، على الرف المقابل يظل قبولنا الشعبي بخوض غمار هذه السباقات والمشاكسات أمراً عادياً وعابراً بكثير من الصبر والصمت، ولم أجد لهذا القبول من تفسير الا انه قبول جبري مصحوب بشهوة وحب وسيطرة المال، لاسيما وان كثيراً من قضايانا الدائمة والمشتعلة والمكررة محاطة بالتجريم والتحريم الا المال فالأمر فيه من سعة، هذا القبول لا بد ان يظل ويمضي في ظل أن الارقام الفردية ضعف نموها والحسابات البنكية مطالبة برجيم ربما يكون قاسياً.

حكاية الابراج اشبعت طرحاً وتحليلاً وكتابة ووقوفاً حتى على اطلالها بل إن ثمة من كان همه الرئيس ان يعرف الانتماء للبرج ومن ثم يدخل في لعبة التوقعات وخبث تنتمي ام لا تنتمي؟ وللفراغ دور في ان تكون هذه الاسئلة صداع مجتمع، ولعل هذا الفراغ انسحب على صف أعلى يريد أن يفعل شيئاً فابتكر كثيراً من المحاولات المقبولة كتجربة الأشهر الميلادية وخلا له الجو أو بمعنى دقيق وجد الفرصة مناسبة لتمرير ابتكارات أكثر غرابة وضخاً لرصيد وافر من النقاشات والأسئلة التي تَرَى جيداً في ظل ان اجاباتها عمياء حتى هذه اللحظة.

اكتب بالطبع والتسويق على قدم وساق وتسريب المقاطع يجري بتهور لموعد عرض اللقاء المنتظر مع وزير المالية ووزير الخدمة المدنية ونائب وزير الاقتصاد والتخطيط، ولعل فن التسويق يدرس في لقاء كهذا، على رغم أن التسويق للقاء مسجل لا يقل عن الترويج لإصدار غنائي جديد فيما أن اغنيات الاصدار منتشرة في مواقع الشبكة العنكبوتية بكبسة زر، الحضور الوزاري جاء متأخراً وان تمنيته مصاحباً للمحاولات الجادة للتغيير وصناعة التقشف التدريجي، فانا احب الذين يأتون في الموعد المناسب والمواعيد المبكرة خير هذه المواعيد واكثرها بركة وان خالفنا العشاق في حرج المواعيد المبكرة، لا يهمني ما سيقال في حلقة فضائية مسجلة، في ظل أن اجابات الاسئلة أتت بعد سحب الورقة لطالب لم يذاكر جيداً، وليت أن لقاء وزارياً كهذا كاضعف الايمان حدث في قناة من قنوات التلفزيون السعودي الرسمية بحكم الاختصاص البحت وحدود المسؤولية، مع تقديري لشعبية القناة المستضيفة وجماهيريتها، وقد تكون ساعة اللقاء من الساعات المباركة التي لن يهاجم فيها أحد هذه القناة وسيجد طعماً من خلالها للأبراج وشهور الميلاد وما شابهها من نقاط الخلاف والتضاد، بقي المدهش الأخير في تناقل المجتمع بحماسة منقطعة النظير لحلقة التسجيل، وهل هي فرحة بمشاهدة وزراء قدامى وجدد زاهدين في الضوء والحضور الحي، إما لأن في جعبتهم اسئلة ثقيلة يحملونها لأسابيع فائتة وظنوا ورقة حلها متاحة في 60 دقيقة، أم ان الخبر نزل مفاجئاً فلزمت المجاهدة لتبليغه من باب «الا هل بلغت.. اللهم اشهد»، ما أخشاه أن نتذكر مثلنا العربي الشهير «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب».

المصدر: الحياة