علي القاسمي
علي القاسمي
كاتب سعودي

بناء القيادات بكثير من «الحظ»!

آراء

من أفخم المصطلحات التي تعبر على عشاق العمل الإداري مصطلح «بناء القيادات»، هذا البناء عاش طويلاً في محور الفشل والخجل، لأن الواقع الذي يلمس بشكل جيد يؤكد أن البناء فعل مطاطي نُنظر به من دون أن نتساءل عما وراءه، وهل ثمة نتائج مطمئنة يمكن ملاحقتها ميدانياً أم لا؟ هناك من يبني نفسه بحماسة شديدة، وكما ذكر الوزير علي النعيمي في كتابه من «البادية إلى النفط»، إذ تعرض لسؤال عن سر النجاح، فقال: «إن النجاح نتاج توفيق الله ثم الاجتهاد وبعض الحظ وكسب ثقة رؤسائي في العمل، ولو قدمت رأياً منقولاً من الميدان في الوقت الحالي لتحدثت بنسبة كبيرة في ان النجاح الذي نطلقه على عدد ليس يسيراً من أصحاب الكراسي أو المسؤولين القادمين بقوة على طاولات المسؤولية بغض النظر عن حجمها الصغير او الكبير لقلت ان مشوار النجاح كان محاطاً بكثير من الحظ والعلاقات وما تيسر من الاجتهاد وكسب الثقة. وكي لا اعتبر ناسياً او متجاهلاً، فالسطر الرئيس هو توفيق الله من قبل ومن بعد»، لكن لنمضِ الى تفكيك اسرار النجاح الوظيفي ولكم حق مخالفتي الاعتراض على هذا التفكيك ونسفه من الأساس.

بناء القيادات يعرج منذ سنوات طويلة، والتلميح بالعرج لأن فقراً يقرأ بجدية حين تدور بعض المناصب العليا بين جملة أسماء وعندما نعيش على مسلسل التكليف/ التكتيف سنوات متلاحقة ويقرأ ايضاً اذا ما عرفنا ان قطاعات الحكومة ذات الكوادر البشرية الهائلة والإعداد المتواصل والتدريب المتلاحق لا تتوافر في أحضانها قيادات يمكنها السير للمركبة للنجاح او التحول او التغيير، بل ان شعارنا النجدة.. النجدة.. النجدة أيها القطاع الخاص. نعود للتفكيك فالحظ لا غبار عليه وقيل اعطني حظاً وارمني في البحر، يليه وفرة العلاقات والقدرة على تلميع الذات والتسويق المتقن للإمكانات، وان كانت هشة، لأننا عاطفيون حد الخجل او بمعنى ادق نؤمن بمواقف اللحظات لا لحظات المواقف، اما اليسير من الاجتهاد فهو كافٍ للتصدر والقفز اذا ما كان على الكتف اليمين السيد/ حظ وعلى الكتف الآخر الاخطبوط المثير «علاقات»، ولن اركل كسب الثقة لكنه كسب في متناول اليدين ولا يبعد عن فكرة التسويق الا في المضمار الأخير من السباق نحو ضوء ومنصة.

نعود لفلسفة بناء وصناعة القيادات التي أؤمن بها وتجذبني حين تستوطن الورق، لكنني اؤمن أكثر بأن القيادات في مربعات ليست للحصر قد تأتي من السماء أو هامش الورق واحياناً من خارج منهج بناء القيادات الهش، وفي مساحة ضيقة جداً يمكن أن نشاهد البناء يفعل شيئاً مع ميلي الضيق لنسبة البناء الذاتي والعصامية والتحدي والإيمان بأن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، هذه الخطوة التي أصبحت أهم من الطريق والميل وترفض المسافة والسور والحارس!

المصدر: الحياة