سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

تجارب ممتازة لكن المطلوب قرار ملزم للجميع..

آراء

تُلزم الإدارة في شركة ضخمة، جميع الموظفين من مختلف المستويات بالقيام بفحوص طبية سنوية، بل إن إدارة الموارد البشرية في هذه الشركة تحجز لكل موظف موعداً لهذا الفحص في عيادة محدّدة، وتُعطي الموظف يوم إجازة في ذلك الموعد، ليُنهي عملية الفحص الطبي، وكل تلك الكلفة تتحملها الشركة، وما على الموظف إلا الذهاب للفحص فقط، وتتولى الشركة قبلها وبعدها متابعة بقية الأمور!

هذه الشركة ليست في السويد ولا في فنلندا، بل في دبي، وتطبّق ذلك منذ سنوات طويلة، فهي تدرك معنى الوقاية خير من العلاج، وتدرك العلاقة والربط القوي بين صحة الموظف وسلامته، وبين مستوى إنتاجه وعطائه، وتدرك أيضاً أن مردود هذه الخطوة، مهما كانت كلفتها، لا يقارَن أبداً بفقدان موظف مُنتج بسبب مرض لم يتم علاجه مبكراً!

وفي دبي أيضاً وفي دائرة حكومية، هي الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب، هناك خطوة إيجابية منذ عام 2015، وبقناعة شخصية من المدير العام، اللواء محمد المري، بتعميم إلزامية الفحص الطبي السنوي، وربط ذلك بالعلاوة والترقية لكل موظف، فلا ترقية من دون فحص، وبالتأكيد مثل هذه الخطوة في مصلحة الموظف، ولابد منها، وحتى لو تذمّر البعض من ذلك فالاستمرار فيها شيء ضروري، ولابد من المطالبة بتعميم هذه التجارب على الجميع.

تجارب تستحق الإشادة، لكنها حتماً لا تكفي، والمطلوب هو قرار اتحادي عام يُلزم جميع المواطنين، موظفين كانوا أو غير موظفين، في القطاع الخاص أو العام، طلبة وطالبات، أو ربات بيوت، وفقاً لأعمارهم، الجميع من دون استثناء، لابد من إجراء الفحص الطبي السنوي، إلزاماً لا خياراً، وحتى نضمن الإلزام فطُرُقه كثيرة، صحيح هناك من لديه الوعي الكافي بأهمية هذه الخطوة وسيذهب شاكراً ومقدّراً للفحص، وهناك من لن يقتنع بذلك، وهذه النوعية يمكن إلزامها عن طريق تجديد جوازات السفر أو بطاقات الهوية، أو عن طريق جهات العمل، حيث يمكن ربطه بموعد صرف تذاكر السفر في الدوائر الحكومية، أو موعد صرف «البونص» في البنوك وشركات القطاع الخاص، أو غير ذلك، فبالتأكيد هناك أكثر من طريقة، ولكن لابد من البدء في هذه الخطوة وعدم تأجيلها أكثر من ذلك!

هناك كلفة مالية، نعم صحيح، وعلى وزارة الصحة والهيئات الصحية تحمّل ذلك، وتنظيم عمليات الفحص الطبي، وتسهيله بشكل سلس للمواطنين، لأن الكلفة المالية الناجمة عن قرار مثل هذا لا تعادل 1% من الأموال التي تنفقها الدولة لعلاج الأمراض المستعصية والخبيثة، بعد استفحالها وتمكّنها من أجساد المواطنين في وقت متأخر، وعليهم أن يدركوا أن كل درهم يُنفَق على الفحص هو عملياً يساوي أكثر من 100 ألف درهم تُنفَق على علاج الحالات المتأخرة بعد استفحال المرض!

المصدر: الإمارات اليوم