تجار «الشنطة الوطنية»!

آراء

«الوطني» عند البعض هو من يبصم، على طول الطريق، على كل قرار رسمي سواء صدر من مكتب معالي الوزير أو من مكتب مدير فرع وزارة الصحة. الوطني هنا هو من يمدح كل قرار ويطبل لكل تصريح. إنه ذلك الذي يؤمن بفكرة «النصيحة بالسر» ومهما تكن الأخطاء فنحن «أفضل من غيرنا». إنه ذلك الذي يرى في «خصوصيتنا» شماعة لكل خطأ وتبريراً لكل قصور. «الوطني» عند هذا البعض هو من لا يجرؤ ويشير إلى مواطن الخلل أو إلى ما قد يقود للكوارث. إنه ذلك «المطيع»، «المسالم»، الذي «لا يهش ولا ينش» ولا يرى في المستقبل سوى الخير الكثير حتى إن أحاطت بالوطن المخاطر من كل صوب.

وفي المقابل هناك «بعض» آخر يرى في «الوطني» نقيضا شاملا. فالوطني عنده هو المتشائم على طول الطريق وهو الحاد السليط في نقده لكل موقف أو قرار. بل عنده خيانة أن تكون على علاقة محترمة مع أي مسؤول وربما يعدك في دائرة «البطانة الفاسدة» إن قبلت دعوة لحوار أو نقاش مع مدير أو وزير. أما إن جمعتك صداقة مع مسؤول فأنت هنا قد بعت كل مبادئك الوطنية وأصبحت «مثقفاً» ما أسهل شراءه! الوطني عند هؤلاء هو من يعادي السلطة ولا يقول كلمة خير، أو كلمة حق، في أي مسؤول أمين نظيف يحب وطنه. وهو من لا يمتدح أي منجز تنموي وطني يستحق المدح والتقدير. وهذا النوع من تجار الوطنية مستعد أن يبيعك، و يبيع نظرياته في الوطنية، بثمن بخس عند أول فرصة. فهو «وطني» في بعده عن السلطة لكنه أيضاً «وطني» أكثر في قربه من السلطة و أهلها. تبريراته – مثل تهمه – دائماً جاهزة. وهو مبدع في المزايدة حينما يأتي الحديث عن الولاءات والانتماءات الوطنية.

ويبقى الوطن أكبر وأبقى من كل تجار «الشنطة الوطنية»!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق السعودية بتاريخ (١٤-٠٧-٢٠١٢)